للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالصِّيغَةُ).

هل هناك صيغة معينة؟ هل يكتفي على لفظ أعرتك، أو هذه إعارة أقدمها لك؟ أو إنها تجوز بأي لفظ يدل عليها؟

قوله: (أَمَّا الْإِعَارَةُ: فَهِيَ فِعْلُ خَيْرٍ وَمَنْدُوبِ إِلَيْهِ (١)، وَقَدْ شَدَّدَ فِيهَا قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ الْأَوَّلِ (٢)).

بعض السلف يرون أنها واجبة، وحجتهم في ذلك، قول الله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧]، ويأخذون أيضًا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها … " (٣)، وهو حديث طويل ومعروف، وقد مر بنا في أبواب الزكاة، وتكلمنا عنه.

ولما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حقها أشار إلى أنه إعطاء الدلو (٤)، أي: إعارته، وكذلك إطراق الفحل، ومنحة اللبن؛ فهذه من الأمور الطيبة التي أشار إليها الحديث.


(١) قال ابن قدامة: "وأجمع المسلمون على جواز العارية واستحبابها". انظر "المغني" لابن قدامة (٥/ ١٦٣).
(٢) يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (٦/ ٣٩١) قال: قد كانت واجبة في ابتداء الإسلام حتى توعد الله تعالى من منعها فقال عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} إلى قوله: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٤ - ٧] قال ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنه -: "الماعون العارية"، وفسرها ابن مسعود فقال: هي عارية القدر والدلو والميزان، وروي عن علي وابن عمر - رضي الله عنه - أنهما قالا: "الماعون الزكاة"، وروى سعيد بن المسيب والزهري: "إنه المال بلسان قريش"، وقال محمد بن كعب القرظي: إنه المعروف، وقال أبو عبيد: الماعون اسم لكل منفعة وعطية، وقال محمد بن جرير الطبري: إنه المنافع.
(٣) أخرجه مسلم (٩٨٨).
(٤) جزء من الحديث السابق، ولفظه: قال رجل: يا رسول الله، ما حق الإبل؟ قال: "حلبها على الماء، وإعارة دلوها، وإعارة فحلها، ومنيحتها وحمل عليها في سببل الله ".

<<  <  ج: ص:  >  >>