للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه في هذه الحالة لا يضمن، ولكن الظاهر أن مذهب الإمامين مالك وأحمد أقوى في هذه المسألة؛ لأنه لو لم يحصل فك القيد، ولو لم يحصل فتح ذلك الصندوق أو ذلك القفص لمَّا طار الطائر، ولما ذهبت الدابة؛ فهو تسبب وإن لم يتلف هو نفسه، لكنه تناول ذلك بسبب مباشر، وهذا فيه مصلحة سد الذرائع (١)، و"درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" (٢).

إذًا، لو لم يُجازَ مثل هؤلاء ويُعاقبون ويُغرمون، ربما تكون هذه وسيلة لمن يتَلاعبون بحقوق الناس، فيتجرؤون على دوابٍّ فيطلقونها، ونحو ذلك.

• قوله: (فَقَالَ: يُضَمَّنُ إِنْ هَاجَهُ، وَلَا يُضَمَّنُ إِنْ لَمْ يَهِجْهُ).

لأن الشافعي يرى أنه إن هاجه كأنه قرب من المباشرة، يعني قرب من الإتلاف؛ لأنه فتح الصندوق، ثم أيضًا حركه ودفعه ليطير، فشبهه بمن أتلفه، ولكن الفريق الأول كما ترون قالوا: لو لم يفك القفص أو القيد؛ لبقي الطائر أو الحيوان في مكانه.

• قوله: (وَمِنْ هَذَا مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَسَقَطَ فِيهِ شَيءٌ فَهَلَكَ).

تعلمون قد يحفر إنسان بئرًا، وهذه البئر قد تقع في طريق أو يحفرها في ملكه، أو يحفرها ويحتاط فيها، فالصورة تختلف هنا، لكن لو حفر البئر فجاء إنسان فوقع فيها؛ فإنه يكون متسببًا في ذلك على تفصيل في المسألة.


(١) سد الذرائع معناه: "حسم مادة وسائل الفساد دفعًا لها فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة للمفسدة منع مالك من ذلك الفعل في كثير من الصور". انظر "الفروق" للقرافي (٢/ ٣٢).
(٢) انظر لهذه القواعد: "الفروق" للقرافي (٤/ ٢١٢)، و"غمز عيون البصائر" للحموي (١/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>