للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "استعمل عبد الغير لنفسه بأن أرسله في حاجته، وإن لم يعلم أنه عبد، أو قال له ذلك العبد الذي استعمله: إني حرٌّ، ضمن قيمته إن هلك العبد عمادية، وفيها جاء رجل إلى آخر فقال: إني حرٌّ فاستعملني في عمل فاستعمله فهلك، ثم ظهر أنه عبد ضمنه، علم أو لم يعلم، هذا إذا استعمله في عمل نفسه، ولو استعمله لغير، أي: في عمل غيره لا ضمان عليه؛ لأنه لا يصير به غاصبًا، كقوله لعبد: ارقِ هذه الشجرة، وانثرِ المشمش لتأكله أنت، فسقط لم يضمن الآمر، ولو قال: لتأكله أنت وأنا ضمن قيمته كله؛ لأنه استعمله كله في نفعه".

غلام جاء إلى فصَّاد فقال: افصدني ففصده فصدًا معتادًا فغيره بالأولى، فمات من ذلك، ضمن قيمة العبد عافلة الفصاد، وكذلك الحكم في الصبي تجب ديته على عاقلة الفصاد عمادية.

ومذْهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٣/ ٤٤٨) قال: "وله غلة مغصوب مستعمل رجح حمله على العقار من دور ورباع، وأرض سكنها، أو زرعها، أو كراهًا دون الحيوان المستعمل الذي نشأ عن استعماله غلة ككراء الدابة، أو العبد، أو استعمالهما؛ لأنه مذهب المدونة فيضمن في العقار إذا استعمل ".

ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٣٣٧) قال: "ولو دفع إلى عبد غيره شيئًا ليوصله إلى بيته، بغير إذن مالكه كان غاصبًا له، قاله القاضي، وطرد ذلك فيما إذا استعمله في شغل، وفي فتاوى البغوي أنه لا يضمن إلا إذا اعتقد طاعة الأمر، وهذا أيضًا أوجه. قال البغوي: ولو أن الزوج بعث عبد زوجته في شغل دون إذنها ضمنه بكلِّ حال؛ لأن عبد المرأة قد يرى طاعة زوجها، فهو كالأعجمي في حقِّ الأجنبي. وسئل ابن الصلاح عن رجل أخاف مملوكًا لغيره بسبب تُهمةٍ فهرب لوقته، فأجاب بأنه لا يضمنه إن لم يكن نقله من مكان إلى مكان بقصد الاستيلاء".

ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٧٨) قال: "وإن استولى على حرَّ لم يضمنه بذلك، ولو كان صغيرًا؛ لأنه ليس بمال، ويأتي في الديات إن شاء الله تعالى بأوضح من ذلك، لكن تقدم في الباب قبله: إذا أبعده عن بيت أهله يلزمه رده ومؤنته عليه، ولا يضمن دابة عليها مالكها الكبير ومتاعه؛ لأنها في يد مالكها، نقله ابن رجب عن القاضي وجزم به في المنتهى … وإن استعمله، أي: الحرّ كبيرًا كان أو صغيرًا كرهًا، أو حبسه مدة، فعليه أجرته؛ لأن منفعته مال يجوز أخذ العوض عنها فضمنت بالغصب، كمنافع العبد، وإن منعه أي منع إنسان آخر العمل من غير حبس فلا ضمان عليه في منافعه، ولو كان الممنوع عبدًا؛ لأن منافعه فأتت تحت يده فلا يضمنها الغيرُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>