للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه -، فَعُمْدَةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيَّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئَان: أَحَدُهُمَا: قَوْله تَعَالَى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء: ٧٨]).

هذه قضية حدثت في زمن نبي الله داود وسليمان عليهما السلام، فإن غنمًا نفشت؛ أي: انتشرت في الليل، فدخلت أرضا فيها حرث لأقوام فأكلت ما فيها من الزرع، وجاء في بعض الروايات (١): أنه كرم؛ أي: عنب فأكلت جميع ما كان في البستان فذهبوا إلى داود عليه السلام ليحكم بينهم فكان حكمه: أن تسلم الغنم لأصحاب الحرث مقابل ذلك، أما سليمان فقيل: أنه ذكر بحضور والده، أو لما خرج أصحاب أولئك الغنم فقال: أرى أن تسلم الماشية لأصحاب الحرث ينتفعون بها وتبقى في أيديهم ويسلم الحرث لأصحاب الغنم يقومون عليه بالإصلاح والرعاية فإنما عاد إلى حالته الأولى، سلم البستان لأهله والغنم لأصحابها (٢).

النفش لا يكون إلا بالليل أما في النهار يقال له: طوعًا.

قوله: (وَالنَّفْشُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ (٣)، وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّا مُخَاطَبُونَ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا).

هذه قاعدة أصولية: هل شرع من قبلنا شرع لنا؟

وهناك أحكام كثيرة وردت في كتاب الله عَزّ وَجلّ في سورة المائدة وغيرها، فهل الأحكام التي كانت في الأمم السابقة تكون لنا أيضًا ويذكرها الله سبحانه وتعالى في معرض ذكره لأولئك الأقوام أن تكون حكمًا مستقرًا؟،


(١) أخرجه الطبري في "التفسير" (١٨/ ٤٧٤ و ٤٧٥)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٦٤٣)، وإسناده ضعيف.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (١٨/ ٤٧٦ - ٤٧٧).
(٣) قال الهروي: النفش: الرعي بالليل، يقال: نفشت السائمة بالليل، وهملت بالنهار إذا رعت بلا راع. انظر: "الغريبين في القرآن والحديث" (٦/ ١٨٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>