للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال أحمد، فجمهور العلماء (١) فرَّقوا بين الليل والنهار؛ لأنَّ أصحاب الدوابِّ مسؤولون عن حفظها وصيانتها ليلًا، ولكنها في النهار إما أن تنفلت تبحث عن الرعي، هاما في العمل لحاجة أصحابها؛ لأن هذه الدواب يطلقونها أو يستفيدون منها بالعمل لكن عليهم أن يحفظوها ليلًا، فلو أنها ذهبت ليلًا فدخلت بستانًا لأحد وأفسدت ما فيه فإنهم يضمنون ذلك؛ لأن عليهم حفظها في الليل كما جاء في الحديث.

قوله: (وَبِأَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ أَصْلًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ) (٢).

كل واحد من العلماء له دليل، لكن قد يكون دليل أحد الفريقين قويّ، ويكون الفريق الآخر له تعليل في دليل، وهذا التعليل يكون ضعيفًا، وهنا سيأتي الخلاف في هذه المسألة.

ورد حديثان: حديث متفق عليه، وحديث آخر مرسل لكنه صحيح ومع ذلك نرى أن الجمهور أخذوا بذلك المرسل الصحيح، ولم يأخذوا بذلك الحديث المتفق عليه؛ لأن بعضهم رأى أن لا تعارض بينهما، أو أنهم رأوا أن هذا في أمر، وهذا في أمر آخر.

قوله: (وَبِالضَّمَان بِإِطْلَاقٍ قَالَ اللَّيثُ، إِلَّا أَنَّ اللَّيثَ قَالَ: لَا يُضَمَّنُ أَكثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَاشِيَةِ) (٣).

الليث يرى أنَّ فيها الضمان، لك قيد ذلك بألا يتجاوز الضمان قيمة هذه الدابة التي أُتلفت.


(١) تقدم نقله عنهم.
(٢) تقدم نقله عنهم.
(٣) نقله عنه الطحاوي في "مختصر اختلاف العلماء" (٢١٢/ ٥)، وابن حزم في "المحلى" (١١/ ٤)، وابن عبد البر في "الاستذكار" (٧/ ٢٠٧): "قال الليث: يضمن بالليل والنهار، ولا يضمن أكثر من قيمة الماشية".

<<  <  ج: ص:  >  >>