للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحينئذٍ لا إثم عليك، لكن ما الحكم في هذا الشيء بعد التبيُّن؟

خالف المؤلف في هذا الكتاب منهجه الذي مضى عليه كليًّا فلم يعرض إلا مذهب المالكية وسكت عن الأئمة الثلاثة.

ومع ذلك أقول: من حذاقة المؤلف ودقة فهمه أشار إلى عبارتين في آخر الكتاب، أعطانا تصورًا عن مذاهب الأئمة؛ لأنه وخاصة في مذهب الإمامين الشافعي وأحمد أعطانا ما يشير إليهما، والمؤلف هنا لم يقف على خلافات موزعة متشعبة كالحال في بعض المسائل وإنما هي قليلة ووقف على الخلاف في المذهب ولعله لم يجد من أفرده بكتاب مستقل إلا المالكية وابن حزم في كتابه: "المحلَّى"، فقد عنون له ب "كتاب الاستحقاق والغصب" (١)، ولكن عندما تأتي إلى المذاهب الأخرى تجد كما قلت لكم أنه موزع بين تلك الكتب.

قوله: (وَجُلُّ النَّظَرِ فِي هَذَا الْكِتَابِ هُوَ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَتَحْصِيلُ أُصُولِ أحكام هَذَا الْكِتَابِ: أَنَّ الشَّيْءَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ إِنْسَانٍ بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الشَّرْعِ لِمُسْتَحِقِّهَا).

ما هي الأشياء التي تثبت بها شرعًا؟

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى أناس دماء رجال وأموالهم" (٢)، ثم انظر كيف وضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - القاعدة: "ولكن البيِّنة على المدعي واليمين على من أنكر" (٣)، فربما يأتي إنسان ويقول: هذا


(١) انظر: "المحلى" لابن حزم (٨/ ١٣٤).
(٢) أخرجه البخاري (٤٥٥٢)، ومسلم (٧١١١/ ١) عن ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم، ذكروها بالله واقرؤوا عليها: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: ٧٧] فذكروها فاعترفت، فقال ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اليمين على المدَّعَى عليه".
(٣) أخرجه الترمذي (١٣٤١) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته: "البينة على المدَّعِي، واليمين على المدَّعَى عليه "، وقال: هذا حديث في إسناده مقال، وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>