للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: أن يَهب ما يملك، أما أن يهب ما لا يملك فهذا لا يصحُّ؛ لأنَّه يكون متعديًا، وهذا يدخل في باب الغصب، فليس من حقِّه؛ كأن يدخل إلى بُستان فيأخذ من ثمره ثم يُهديه للغير.


=لا يملكان التبرع لكونه ضررًا محضًا لا يقابله نفع دنيوي فلا يملكها الصبي والمجنون كالطلاق والعتاق وكذا الأب لا يملك هبة مال الصغير من غير شرط العوض بلا خلاف؛ لأن المتبرع بمال الصغير قربان ماله لا على وجه الأحسن ولأنه لا يقابله نفع دنيوي، وقد قال الله عز شأنه: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ولأنه إذا لم يقابله عوض دنيوي كان التبرع ضررًا محضًا وترك المرحمة في حق الصغير فلا يدخل تحت ولاية الولي ".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٩٧ - ٩٨) قال: "وصحت، أي: الهبة في كل مملوك للواهب فلا تصح في حرٍّ ولا ملك غير بخلاف بيعه؛ لأنه في نظير عوض ينقل، أي: يقبل النقل شرعًا، خرج أم الولد والمكاتب ممن له تبرع بها، وهو من لا حجر عليه فخرج السفيه والصبي ومن أحاط الدين بماله والسكران والمريض والزوجة فيما زاد على الثلث، لكن هبتهما ما زاد على الثلث صحيحة موقوفة على الوارث والزوج، كمن أحاط الدين بماله فإنها صحيحة موقوفة على رب الدين، وأما السفيه والصغير فباطلة كالمرتد وضمير بها عائد على الهبة، والمراد من له أن يتبرع بالهبة في غير هبة؛ لئلا يلزم شرط الشيء في نفسه كأنه قال ممن له التبرع بالهبة وقفًا، أو صدقة، أي: أن من له ذلك فله أن يهب تلك الذات ومن لا فلا، فالمريض والزوجة إذا أرادَا هبة ثلثهما صح لهما؛ لأن لهما أن يتبرعا به فلو لم يأت المصنف بقوله بها لورد عليه الزوجة والمريض؛ لأنهما ليس لهما التبرع دائمًا كما هو المتبادر من كلامه لو لم يأت بما ذكر".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٥٦٠) قال: "وشرط الهبة لتتحقق عاقدان كالبيع، وهذا هو الركن الأول، ولهما شروط، فيشترط في الواهب الملك، وإطلاق التصرف في ماله، فلا تصح من ولي في مال محجوره ولا من مكاتب بغير إذن سيده، ويشترط في الموهوب له أن يكون فيه أهلية الملك لما يوهب له من تكليف وغيره، وسيأتي أن غير المكلف يقبل له وليه فلا تصحُّ لحمل ولا لبهيمة ولا لرقيق نفسه، فإن أطلق الهبة له فهي لسيده ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٤٢٩) قال: "هي شرعًا تمليك خرج به العارية، جائز التصرف أي: مكلف رشيد مالًا معلومًا خرج به الكلب ونحوه، معلومًا يصح بيعه، أو مالًا مجهولًا تعذر علمه كدقيق اختلط بدقيق لآخر فوهب أحدهما للآخر ملكه منه فيصح مع الجهالة للحاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>