للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلعة إنما رهنها حفاظًا على حقه، كمن باع سلعةً وأراد أن يتوثق على حقه، كمن باع دارًا فطلب منه أن يعطيه وثيقة يمسكها بيده فرهنه أيضًا شيئًا آخر فليس للراهن أن يبيع الرهن؛ لأنه لو باعه لتضرر المرتهن فلا تبقى ثمرة ولا فائدة من الرهن لكن لو أذن له المرتهن فذلك جائز؛ لأنه حق يخصه.

قوله: (وَأَمَّا الْهِبَةُ فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِيجَابِ فِيهَا وَالْقَبُولِ عِنْدَ الْجَمِيعِ) (١).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" للحصكفي (٥/ ٦٨٨) قال: "وركنها هو الإيجاب والقبول كما سيجيء.
قال في "الحاشية": (قوله: هو الإيجاب) … فقد أفاد أن التلفظ بالإيجاب والقبول لا يشترط، بل تكفي القرائن الدالة على التمليك كمن دفع لفقير شيئًا وقبضه، ولم يتلفظ واحد منهما بشيء … ومثله ما يدفعه لزوجته أو غيرها قال: وهبت منك هذه العين فقبضها الموهوب له بحضرة الواهب ولم يقل: قبلت، صح لأن القبض في باب الهبة جار مجرى الركن فصار كالقبول ولوالجية … (قوله: والقبول) فيه خلاف ففي القهستاني: وتصح الهبة بك وهبت وفيه دلالة على أن القبول ليس بركن كما أشار إليه في الخلاصة وغيرها، وذكر الكرماني أن الإيجاب في الهبة عقد تام. وفي المبسوط: أن القبض كالقبول في البيع، ولذا لو وهب الدين من الغريم لم يفتقر إلى القبول كما في الكرماني لكن في الكافي والتحفة أنه ركن، وذكر في الكرماني: أنها تفتقر إلى الإيجاب لأن ملك الإنسان لا ينقل إلى الغير بدون تمليكه، والى القبول؛ لأنه إلزام الملك على الغير، وإنما يحنث إذا حلف أن لا يهب فوهب ولم يقبل؛ لأن الغرض عدم إظهار الجود وقد وجد الإظهار، ولعل الحق الأول فإن في التأويلات التصريح بأنه غير لازم ".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٩٩) قال: "ودينا فتصح هبته لمن هو عليه ولغيره، وهو أي هبة الدين إبراء إن وهب لمن هو عليه، فلا بد من قبوله؛ لأن الإبراء يحتاج إلى قبول، وإلا يهبه لمن عليه بل لغيره فكالرهن، أي: فكرهن الدين يشترط في صحته الإشهاد، وكذا دفع ذكر الحق، أي: الوثيقة على قول، وقيل: هو شرط كمال كالجمع بينه وبين من عليه الدين ولو قال فكرهنه لكان أظهر، وشبه به وإن لم يذكره في بابه لشهرته عندهم ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ٢٩٨ - ٢٩٩) قال: "وشرط الهبة الذي لا بد منه في تحقق وجودها في الخارج، فالشرط هنا بمعنى: الركن، =

<<  <  ج: ص:  >  >>