للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنظر للهبة نجد أنها كالبيع والنكاح كما مر فلا بد من إيجاب وقبول، فإنما البيع عن تراضٍ فلا يلزم إنسان بشراء سلعة ولا يلزم ببيعها أيضًا، إذن يُشترط في الهبة القبض والإيجاب والقبول، ولكن يستثنى من ذلك القبض فيما يتعلق بالصغير تجاه أبيه، فالأب له أن يشهد ولا يحتاج الأمر إلى قبض سواء ما يهب هو لولده أو ما يُوهب لولده.

قوله: (وَمِنْ شَرْطِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ قَبُولُهُ وَقَبْضُهُ) (١).


= وركنها الثاني: العاقدان، والثالث: الموهوب، وهي هنا بالمعنى الثاني، إيجاب كوهبتك ومنحتك وملكتك وعظمتك وأكرمتك ونحلتك هذا وكذا أطعمتك ولو في غير الطعام كما نقل عن النص، وقبول كقبلت واتهبت ورضيت لفظًا في حق الناطق، وإشارة في حق الأخرس؛ لأنها تمليك في الحياة كالبيع، ومن ثَمَّ انعقدت بالكناية مع النية كلك أو كسوتك هذا، وبالمعاطاة على قول اختير، واشترط هنا في الأركان الثلاثة جميع ما مرَّ فيها ثم، ومنه موافقة القبول للإيجاب، خلافًا لمن زعم عدم اشتراطها هنا، فلو قال: وهبتك هذا، أو وهبتكما فقبل الأول، أو أحد الاثنين نصفه لم يصحَّ لما تقرر أن الهبة ملحقة بالبيع، أي: من حيث إنها عقد مالي مثله فأعطيت أحكامه وإن تخلف بعضها فيه كما هنا؛ إذ المانع ثم أن الإيجاب لما اشتمل على الكل المقابل بالثمن الذي ذكره كان قبول البعض ببعض للثمن قبولًا لغير ما أوجبه من كل وجه، وإنما لم ينظروا لهذا بل سووا بينهما في البطلان نظرًا لما هو أقوى من ذلك، وهو الإلحاق المذكور؛ إذ لو أبطل بهذا سرى بطلانه إلى البقية إذ لا مرجح فوجب التعميم طردُا للباب ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٤٣٠ - ٤٣١) قال: "وتصح الهبة بعقد وتملك العين الموهوبة بعقد أي: إيجاب وقبول فالقبض معتبر للزومها واستمرارها لانعقادها وإنشائها … فيصح تصرف موهوب له في الهبة بعد العقد قبل قبض على المذهب … ولأن دلالة الرضا بنقل الملك تقوم مقام الإيجاب والقبول فتجهيز بنته بجهاز إلى بيت زوجها تمليك لوجود المعاطاة بالفعل وهي أي: الهبة بإيجاب وقبول في تراخي قبول عن إيجاب، وفي تقدمه عليه وفي غيرهما كاستثناء واهب نفع موهوب مدة معلومة كبيع على ما تقدم تفصيله ".
(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (٥/ ٦٩٠) قال: "وتصح بقبول أي في حق الموهوب له، أما في حق الواهب فتصح بالإيجاب وحده؛ لأنه متبرع حتى =

<<  <  ج: ص:  >  >>