للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن يصحُّ قبوله كما أن الواهب ينبغي أن يكون صحيحًا، وأن يكون مكلَّفًا كذلك أيضا الأمر للموهوب.

قوله: (وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَأَشْهَرُهَا الْقَبْضُ) (١).

للهبة شروط أشهرها القبض، والقبض في البيع شرط كما هو معلوم؛ فقد جاء في الحديث الصحيح أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه" (٢) هذا لفظ "الصحيحين"، وفي "الصحيحين" منفردين: "فلا يبعه حتى يقبضه" (٣)، والمرادُ حتى يستوفيه، وهذا الحكم انتقل إلى الهبة؛ لأن الهبة تعتبر نوعًا من البيع أو شبيهة بالبيع، غير أنَّ البيع عقد تمليك بعوض، -أعني: مبادلة مال بمال بعوض- وأما الهبة فليس فيها مقابل، وإنما هي تمليكُ عين بعقد بغير عوض.

قوله: (أَعْنِي: أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا هَلِ الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ


= فالشرط هو النقل. قال الزركشي: وقد يقال: احترز به عن الرشوة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الكافي" لابن قدامة (٢/ ٢٦٠ - ٢٦١) قال: "ولا يثبت الملك للموهوب له في المكيل والموزون إلا بقبضه، لحديث أبي بكر - رضي الله عنه -. وروي عن عمر - رضي الله عنه - نحوه، فإن مات الموهوب له قبل القبض، بطلت؛ لأنه غير لازم، فيبطل بالموت كالشركة. وإن مات الواهب، فعنه ما يدلُّ على أن الهبة تبطل لذلك، وهو قول القاضي. وقال أبو الخطاب: لا تبطل؛ لأنه عقد مآله إلى اللزوم، فلا يبطل بالموت، كبيع الخيار. ويقوم الوارث مقام المورثين في التقبيض والفسخ، فإذا قبض، ثبت الملك حينئذ. والخيرة في التقبيض إلى الواهب؛ لأنه بعض ما يثبت به الملك فكانت الخيرة له فيه، كالإيجاب، ولا يجوز القبض إلا بإذنه؛ لأنه غير مستحق عليه، فإن قبض بغير إذنه، لم تتمَّ الهبة. وإن أذن، ثم رجع قبل القبض، أو مات بطل الإذن … وأما غير المكيل والموزون، ففيه روايتان؛ إحداهما: لا تتم هبته إلا بالقبض؛ لأنه نوع هبة، فلم تتم قبل القبض، كالمكيل والموزون. والثانية: تتم قبل القبض ".
(١) تقدم نقل أقوال أهل المذاهب في ذلك.
(٢) أخرجه البخاري (٢١٢٦)، ومسلم (١٥٢٦/ ٣٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢١٣٣)، ومسلم (١٥٢٦/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>