للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَالكٌ أيضًا يقول: هي تعود، لَكن لو ذكر العقب فقال: أعمرتك هذه الدار ولعقبك من بعدك تبقى في العقب.

قَوْله: (وَالقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا قَالَ: هِيَ عُمْرَى لَكَ وَلعَقِبِكَ كَانَتِ الرَّقَبَةُ مِلْكًا لِلْمُعْمَرِ، فَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ العَقِبُ عَادَتِ الرَّقَبَةُ بَعْدَ مَوْتِ المُعْمَرِ لِلْمُعْمِرِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ) (١).

فَمِنَ العُلَماء مَنْ يقول: إذا أطلق، فقال: وهبتك هذه الدار، فإنها لا تعود، بل تعتبر بمثابة قوله: هذه الدار لك ولعقبك، وهما لا يختلفان، وهذه هي الثلاثة أقوال التي اختلف العلماء حولها، وأما العُمْرى، فمن غير شكٍّ أنها جائزةٌ؛ لأنه ثَبتَ في "صحيح البخاري" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - قال: "العُمْرَى جَائزةٌ" (٢)، وثبت عن عبد الله بن عباس أنه قال: "العُمْرى والرُّقبى سواء" (٣)، ولا فرق بينهم.

قَوْله: (وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَأَبُو ثَوْرٍ (٤)، وَسَبَبُ الخِلَافِ فِي هَذَا البَابِ اخْتِلَافُ الآثَارِ، وَمُعَارَضَةُ الشَّرْطِ وَالعَمَلِ لِلأثَرِ).


= والذي أعطيهَا هو المُعْمَر وعقيبه، فَوَجب أنْ تكونَ لهم بنص الحديث، وتَرْجع بعد انقراضهم إلى المُعْمَر بالتأويل الصحيح، إذْ لا يصح أن يكون ملكًا لجميع العقب، فمَنْ قال: إنَّ العمرى المعقبة تكون ملكًا للمُعْمَرِ، فقد خالف الحديث، ومالك أَسْعَدُ به".
(١) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (١٢/ ٢٠٧) قال: "ففي العمرى لأهل العلم ثلاثة أقوال … والثالث: أنها تكون للمُعْمَر ملكًا! إن كانت معقبة، وترجع إلى المُعْمِر ملكًا بعد موت المعْمَر إن لم تكن معقبة".
(٢) حديث (٢٦٢٦)، ومسلم (١٦٢٦/ ٣٢).
(٣) أخرجه النسائي (٣٧١١) وغيره، وَصحَّحه الأَلْبَانيُّ مرفوعًا في "صحيح النسائي" (٨/ ٢٨٣).
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٧/ ٢٣٩) قال: "وروى معمر عن ابن شهاب عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال: إنما العُمْرى التي أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها. قال معمر: وكان الزهريُّ يفتي بذلك. قال أبو عمر: هذا قول أبي سلمة بن عبد الرحمن … وإليه ذَهَب أبو ثور وداود بن علي ". وانظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>