للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذَا قول جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، والذي خالف في ذلك هو الإمام مالك -رحمه الله-.

قَوْله: (وَالقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعْمَرِ فِيهَا إِلَّا المَنْفَعَةُ) (١).

فيستفيد منها، ثم تعود للأول، فهذه هبة مؤقتة مقيدة.

قوله: (فَإِذَا مَاتَ عَادَتِ الرَّقَبَةُ لِلْمُعْمِرِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ).

سواء اشترط ذلك المعمر أو لم يشترط، فهي عند مالك تعود إلى الواهب بعد موت الموهوب. ومن العلماء مَنْ يقول: لو اشترط فقال: وهبتك وأعمرتك سكنى هذه الدار ما عشت، فإذا مت عادت إليَّ، فإنَّ فيها شرطًا، والشرط معتبر، ومن العلماء مَنْ لا يعتبر ذلك وَيُلْغيه، ويعتبرها هبةً مبتوتةً.

قَوْله: (وَبِهِ قَالَ مَالِل وَأَصْحَابُهُ (٢)، وَعِنْدَهُ أَنَّهُ إِنْ ذَكَرَ العَقِبَ عَادَتْ إِذَا انْقَطَعَ العَقِبُ إِلَى المُعْمِرِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ).


(١) يُنظر: "أسهل المدارك" للكشناوي (٣/ ٩٦) قال: "وهي تمليك منفعة مملوك حياة المُعْطَى -بالفتح- بغير عوض، فإذا قال المالك المتبرع: أعمرتك داري هذه، ثَبتَ لَه ملك منفعة تلك الدَّار، إذا مات المُعْمَر رجعت ملكًا للمُعمِرِ أَوْ وارثه يوم موت المعمَر بالفتح ".
(٢) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (١٢/ ٢٠٦) قال: "قال مالك: لو أن رجلًا أعمر عمرى دارًا أو خادمًا له ولعقبه ما عاشوا، ولم يقل مرجعه إِلَيَّ، ولم يجعل لمرجعها وجهًا ترجع إليه، رجعت إليه كما لو اشترط. قال مُحمَّد بن رشد: هذا هو مذهب مالك وجميع أصحابه أن العُمْرى ترجع إِلى الذي أعمرها بعد موت المُعْمَرِ إنْ لم تكن معقبةً وبعد انقراض العقب إِنْ كانت معقبةً، ولم يأخذ مالك في العُمْرى بحديثه الذي روَاه في "موطئه" عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَيُّما رَجلٍ أَعْمَرَ عُمْرَى لَهُ وَلعقِبِهِ، فَإنَّهَا للذِي يُعْطَاهَا، لا تَرْجِعُ إلَى الذِي أَعْطَاهَا"؛ لَأنَّه أَعْطَى عَطَاء وَقَعتْ فِيهِ المَوَارِيث، وذهب في ذلك إلى ما رواه عن ابن القاسم بن محمد أنه قال: ما أدركت الناس إِلَّا وهُمْ على شُرُوطهم في أموالهم وفيما أعطوا، فقال: مَعْنى الحَديث أن العُمْرَى لا تَرْجع إلى الذي أعطَاها حتى ينقرض العقب بدليل قولِهِ في الحَديث: "فإنها للذي يُعْطاها"، =

<<  <  ج: ص:  >  >>