للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة، والأحاديث هي التي تُرْوى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك بأن هنا فرقًا بينهما فيما يتعلق بالدلالة.

قوله: (وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلعَقِبِهِ، فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا، لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا) (١).

وفي هذا الحديث التنصيص على العقب أيضًا، ودليل على اختلاف الحكم عما لو أطلق ولم يذكر العقب، وهذا الحديث متفق عليه، لكن هذا اللفظ الذي أورده المؤلف هل هو لفظ الإمام مسلم (٢) أم لفظ الإمام البخارى؟ وقد جاء مختصرًا، ونصه: قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعُمْرى بأنها لمن وهبت له (٣)، فحديث البخاري مطلق كأنه يشمل ما فيه ذكر العقب وما ليس فيه، وقضى بمعنى حكم، والقضي أصله هو الحكم والأمر، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرى بأنها لمن وهبت له، وهذا مطلق، فهل هي لمن وهبت له هبةٌ مبتوتةٌ أو أنها مقيدة في الحياة؟ الحديث أطلق فدل على العموم حديث مسلم؛ لأنه هو الذي جاء فيه هذا التفصيل وهذه الزيادة، وفيه ذكر لعقبه، أي: للذين يأتون بعده من الورثة، وقد جاء في بعض الأحاديث أيضًا ذكر المواريث أو الميراث.

قوله: (لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ المَوَارِيثُ" (٤)، وَالحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُعْمِرُوهَا، فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا حَيَاتَهُ،


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٤٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٢٥/ ٢٠) ولفظه: "أيما رجلٍ أعمرَ عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها"؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٢٥)، ومسلم (١٦٢٥/ ٢٥) ولفظه عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العمرى لمن وهبت له ".
(٤) جزء من الحديث، أخرجه مسلم (١٦٢٥/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>