للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ" (١)).

وَمُنَاسبَة هذا الحديث أنه عندما قال الله -سبحانه وتعالى- في وَصْف الأنصار: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}، كانوا يعمرون المهاجرين، فلذلك قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصار، أمسكوا عليكم أموالكم ولا تعمروها وفي بعض الروايات: "ولا تفسدوها" (٢)، فَهُوَ لَه في حياته وبعد مماته، فهناك نصٌّ على العقب بين فيه الرسول- عليه الصلاة والسلام- بأن من أعمر غيره عمرى، فإنه يكون للذي أعطيه له في حياته وبعد مماته.

قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظٍ آخَرَ: "لَا تُعْمِرُوا وَلَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا أَوْ أُرْقِبَهُ، فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ" (٣)، فَحَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مُخَالِفٌ لِشَرْطِ المُعْمِرِ (٤).

وَهذه الأحاديث -كمَا نرَى- هي أحاديث صحيحة وصريحة فيما يتعلق بالعُمْرى، وهو: مَنْ أعمر إنسان شيئًا فلا يخلو إما أن يقول له: ولعقبك، وإما أن يسكت في ذلك، وربما أضاف العلماء شيئًا وهو أن يقيده بأن يقول: ما عشت، أما إذا مت، فإن الأمرَ ينتهي، وتعود لي.

قَوْله: (وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْهُ) (٥).

أي: عَنْ جابرٍ - رضي الله عنه -، فالضمير يعود عليه؛ لأن الأول عن جابر،


(١) أخرجه مسلم (١٦٢٥/ ٢٦) عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيًّا وميتًا، ولعقبه ".
(٢) أخرجه مسلم (١٦٢٥/ ٢٦).
(٣) أخرَجه أبو داود (٣٥٥٦) والنسائي (٣٧٣١)، وَصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٦٠٩).
(٤) حديث: "يا معشر الأنصار، أمسكوا عليكم -يعني: أموالكم- لا تعمروها، فإنه من أعمر شيئًا، فإنه لمن أعمره حياته ومماته ".
(٥) حديث: "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ".

<<  <  ج: ص:  >  >>