للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة، لم يوبخه، ولم يؤنبه، قال: فبأبي وأمي ما رأيت معلمًا أحسن منه، فوالله ما قهرني، ولا شتمني، ولا ضربني، ثم بيَّن له أن الصلاة لا يصلح بها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن (١).

وقصة ذلك الشاب ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جَمْع من أصحابه، فيقول: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فتأثر الصحابة، وظهًر الغضب على وجههم، وأرادوا تأنيبه، فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتركوه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعالج ذلك عن طريق القوة، ولكن استطاع أن ينفذ لألباب قلبه، ويمسك بسويداء فؤاده، فقال: "أترضاه لأمك؟ "، قال: لا. قال: "والناس لا يرضونه لأمهاتهم "، فخاطبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن طريق أمر يؤثر فيه، فلا يوجد مسلم عنده غَيْرة يَرْضى بمثل ذلك لأمه، قال: "هل ترضاه لابنتك، لإخوتك، لعماتك … " إلى أن قال: فوالله ما كرهت شيئًا أكره من الزنا" (٢).


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧)، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذْ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: وا ثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إليَّ، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: "إنَّ هذهِ الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن … ". الحديث.
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٢١١)، والطبراني في "الكبير" (٨/ ١٦٢) بلفظ: عن أبي أُمَامَة قال: إن فتًى شابًّا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فاقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه. فقال: "ادنه "، فدنا منه قريبًا. قال: فَجَلس قال: "أتحبُّه لأمك؟ ". قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ". قال: "أفتحبه لابنتك؟ ". قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبُّونه لبناتهم ". قال: "أفتحبُّهُ لأختك؟ ". قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لأخواتهم ". قال: "أفتحبه لعمتك؟ ". قال: لا والله جعلني النّه فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لعماتهم ". قال: "أفتحبُّهُ لخالتك؟ ". قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم " … الحديث، وصحح إسناده الأرناؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>