للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوَصَايا: جمع وصيةٍ، كأن يُقَال: هدايا جمع هدية، وعطايا جمع عطية، والوصية في المال إنما هي التبرع به بعد الموت، والوصية سيأتي كلام العلماء فيها، وأنها ليست بواجبةٍ عند جماهير العلماء (١)، لكنها تَجب في بعض الحالات، وهذه من الأشيَاء التي ينتفع الإنسان فيها؛ لأنه ربما يكون على الإنسان دَين ولا يعلم به، لا يعلم به ورثته، فيحتاج إلى أن يوصي بذلك، وربما تكون عنده أمانات فينبغي أن تؤدى، وأن يوصي بها، وربما تَكُونُ عليه حقوق لله سبحانه وتعالى كأن يترك زكاة المال فلم يؤدها حتى مات، أو أن عليه شيئًا من الكفارات، فهو في مثل هذه الأمور يحتاج إلى أن يوصي، وفي هذه الحالات تكون الوصية واجبة، أما فيما عدا ذلك فإنها على الصحيح من أقوال العلماء غير واجبة، بل هي مشروعة، وسيأتي الكلام والبيان في ذلك بمزيدٍ من التفصيل إنْ شاء الله.

* قوله: (وَالثَّانِي: فِي الأَحْكَامِ).

والمؤلف كعادته يقسم أيَّ كتاب يدخل فيه إلى أقسامٍ، وربما يجعله جملًا، وقلنا: إن ذلك بمثابة إضاءة لذلك الكتاب، وتوطئةً وتمهيد له حتى يكون الإنسان على تصور لذلك الباب، فهو قسمه إلى قسمين:

القسم الأول: يتحدث فيه عن الأركان.

والقسم الثاني: يتحدث فيه عن أحكام الوصية، وهو في الحقيقة لم يستوعب أحكام الوصية، بل إنه لم يمرَّ إلا على القليل منها، والسبب في ذلك معروف بيَّنه المؤلف؛ لأنه ذكر أنه لم يدون في كتابه هذا إلا أمهات


= وصيت الشيء أصيه إذا وصلته، فإن الميت وصل ما كان فيه من أمر حياته بما بعده من أمر مماته.
(١) أجمع الجمهور على أن الوصيَّة غير واجبة إلا على مَنْ عليه دينٌ أو عنده وديعة فيوصي بذلك، وشذ أهل الظاهر، فأوجبوا الوصية إذا ترك مالًا كثيرًا أو لم يوقتوا في وجوبها شيئًا.
انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ٧٥). وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>