للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قولُهُ: (فِي هَذَا البَابِ فَرْعٌ مَشْهُورٌ، وَهُوَ إِذَا أَذِنَ الوَرَثَةُ لِلْمَيِّتِ هَلْ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ فَقِيلَ: لَهُمْ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُمْ) (١).


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير، وحاشية الدسوقي (٤/ ٤٣٧) قال: "ولزم إجازة الوارث" ليس مراده أنه يلزمه أن يجيز، وإنَّما مراده أن الوارثَ إذا أجاز وصية مورثه قبل موته فيما له رده بعده كما لو كانت لوارث أو أكثر من الثلث فتلزمه الإجازة، ليس له رجوع بعد ذلك فيما أجازه متمسكا بأنه التزام شيءٍ قبل وجوبه، وإنما تلزمه الإجازة بِشُرُوطٍ، أَوَّلها كون الإجازة "بمرض" للموصي أي: فيه سواء كانت الوصية فيه أو في الصحة، ولا بد من كَوْن المرض مخوفًا كما يؤخذ من الشرط الثاني وهو قولُهُ: "لم يصح" الموصى "بعده"، فإن أجازه في صحته أو في مرض صح منه صحة بينة، ثم مرض ومات لم يلزم الوارث ما أجازه، وأشار لثالث الشروط وهو ألَّا يكون معذورًا بقوله: "إلا لتبين عذر" للوارث في الإجازة "بكونه" أي: الوارث "في نفقته" أي: الموصىِ، فأجاز مخافة قطعها عنه "أو" لأجل "دينه" الذي له عليه "أو" لخوف "سلطانه"، أي: الموصى فأجَاز مخافة سطوته عليه. الشرط الرابع: ألَّا يكون المجيز ممن يجهل أن له الرد والإجازة.
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ١٩٥) قال: "إنْ كان له وارث: كانت الوصية موقوفة على إجازته ورده، فإن ردها رجعت الوصية إلى الثلث، وإنْ أَجَازها صحت، ثم فيها قولان:
أحدهما: إنَّ إجازة الورثة ابتداء: عطية منهم لا تتم إلا بالقبض، وله الرجوع فيها ما لم يقبض، وإن مات قبل القبض بطلت كالهبة.
والقول الثاني: إجازة الورثة إمضاء لفعل الموصى، فلا تفتفر إلى قبضٍ، وتتم بإجازة الوارث، وقبول الموصى له، ليس الرجوع بعد الإجازة، ولا تبطل الوصيَّة بموته بعد إجازته، وقبل إقباضه".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ١٤٧)، قال: ولا يعتبر الرد والإجازة إلا بعد موت الموصى، فلو أجازوا قبل ذلك، ثم ردوا، أو أذنوا لموروثهم في حياته بالوصية بجميع المال، أو بالوصية لبعض ورثتِهِ، ثم بدا لهم فردوا بعد وفاته، فلهم الرد، سواء كانت الإجازة في صحة الموصى أو مرضه .. نص عليه أحمد، في رواية أبي طالب. وروي ذلك عن ابن مسعود، وهو قول شريح .. وابن أبي ليلى: ذلك جائز عليهم؛ لأن الحق للورثة، فإذا رضوا بتركه سقط حقهم، كما لو رضي المشتري بالعيب. وقال مالك: إنْ أذنوا له في صحته، فلهم أن يرجعوا، وإنْ كان ذلك في مرضه، وحين يحجب عن ماله، فَذَلك جائزٌ عليهم، ولنا=

<<  <  ج: ص:  >  >>