للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشهادة عدلين؛ لأن إثبات النسب ليس أمرًا سهلًا، فكل إنسان ربما يدَّعيه فلا بد من شهادة اثنين وأن يكون الاثنين عدلين حتى لا تكون مجرد شهادة، لكن هذا الحديث ليس فيه شهادة اثنين فكأنه خرج عن الأصل المتفق عليه.

• قوله: (وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَاتٌ، وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَثْبَتَ نَسَبَهُ بِإِقْرَارِ أَخِيهِ بِهِ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ نَسَبٌ إِلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَلِذَلِكَ تَأَوَّلَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَاتٍ).

لأنه لما وقع ذلك وفي حديث صحيح وواضح الدلالة تأول العلماء بعد ذلك، وحاولوا أن يبحثوا عن إجابة لذلك.

• قوله: (فَقَالَتْ طَائِفَةٌ (١): إِنَّهُ إِنَّمَا أَثْبَتَ نَسَبَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَأةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ تِلْكَ الْأَمَةَ كَانَ يَطَؤُهَا زَمْعَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَنَّهَا كانَتْ فِرَاشًا لَهُ).

كأن هؤلاء يقولون لعلَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكم بعلمه وأنه علم بأن تلك الوليدة كان يطؤها زمعة وبخاصة زمعة؛ لأنه صهر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو والد إحدى زوجاته وهو قريب الصلة به ويعرف ما يدور حوله.

• قوله. (قَالُوا: وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ صِهْرَهُ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ كَانَتْ زَوْجَتَهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ).

وهذة مسألة معروفة وفيها خلاف، وسيأتي الكلام عنها، هل للقاضي أن يقضي بعلمه (٢)؟ فقد يأتي الحكمان المتخاصمان فيجلسان بين يدي


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ١٦٥).
(٢) المراد بعلم القاضي: ظنُّه المؤكد الذي يجوز له الشهادة مستندًا إليه. انظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>