للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله: (وَلَا يَلِيقُ هَذَا التَّأوِيلُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي الْقَاضِي عِنْدَهُ بِعِلْمِهِ، وَيَلِيقُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ، أَعْنِي: الَّذِي لَا يثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ.

وَالَّذِينَ قَالُوا بِهَذَا التَّأْوِيلِ قَالُوا: إِنَّمَا أَمَرَ سَوْدَةَ بِالْحَجْبَةِ احْتِيَاطًا لِشُبْهَةِ الشَّبَهِ، لَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاجِبًا، وَقَالَ لِمَكَانِ هَذَا بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْجُبَ الْأُخْتَ عَنْ أَخِيهَا (١)).

فالشافعية جعلوا ذلك دليلًا بأن للأخ (٢) أن يحجب الأخت عن أخيها.

• قوله: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَمْرُهُ بِالِاحْتِجَابِ لِسَوْدَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُلْحِقْ نَسَبَهُ بِقَوْلِ عُتْبَةَ وَلَا بِعِلْمِهِ بِالْفِرَاشِ وَافْتَرَقَ هَؤُلَاءِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "هُوَ لَكَ"، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا أَرَادَ هُوَ عَبْدُكَ؛ إِذَ كَانَ ابْنَ أَمَةِ أَبِيكَ، وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِتَعْلِيلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حُكْمَهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَللْعَاهِرِ الْحَجَرُ"، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ (٣): إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ"، أَيْ: يَدُكَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَا هُوَ يَدُ اللَّاقِطِ عَلَى اللُّقَطَةِ، وَهَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ تَضْعُفُ لِتَعْلِيلِةِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَحُكْمُهُ بِأَنْ قَالَ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ" (٤).


(١) يُنظر: "النجم الوهاج في شرح المنهاج" لأبي البقاء الدميري (٥/ ١٢٨) حيث قال: "وإنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجته بالاحتجاب منه وإن كان أخاها شرعًا؛ لما فيه من الورع لأجل شبهه بعتبة. ويجوز للزوج أن يمنع زوجته من الخروج لأخيها المحقق فالمشكوك فيه أولى".
(٢) لعله سبق قلم فهو يقصد الزوج.
(٣) انظر: "شرح مشكل الآثار" (١١/ ١٧).
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>