(٢) اختلف العلماء في حكم الهرة من حيث الطهارة والنجاسة، فقيل: إن الهرة عينها نجسة، ولكن سقطت نجاسة سؤرها لعلة التطواف علينا، وبقيت الكراهة لإمكان التحرز منه، وهذا مذهب الحنفية، ومذهبُ الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) أنها طاهرةٌ. مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٦٥) حيث قال: " (وكذا) سؤر الهرة في رواية "الجامع الصغير"، وذكر في كتاب الصلاة: أحب إليَّ أن يتوضأ بغيره، ولم يذكر الكراهة. ولأبي حنيفة ما روَى أبو هريرة - رضي الله عنه - موقوفًا عليه ومرفوعًا. "الهرة سبع" وهذا بيان حكمها. والمعنى في كراهته من وجهين، أحدهما: ما ذَكَره الطحاوي، وهو أن الهرةَ نجسةٌ لنجاسة لحمها، لكن سقطت نجاسة سؤرها؛ لضرورة الطواف فبقيت الكراهة لإمكان التحرُّز في الجملة". وانظر: "اللباب في شرح الكتاب" للميداني (١/ ٢٩). مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (١/ ٤٤) حيث قال: " (و) كره سؤر (ما) أي حيوان (لا يتوقى نجسًا) كطيرٍ وسباع. وقوله: (من ماء) يسير بيان لسؤر، ولما أدخل يده فيه، ولسؤر المقدر هنا، وهذا إذا لم يعسر الاحتراز منه (لا إن عسر الاحتراز منه) أي: مما لا يتوقى نجسًا كالهرة والفأرة، فلا يكره سؤره ". ويُنظر: "المنتقى شرح الموطإ" للباجي (١/ ٦٢) حيث قال: "الهرة عند مالك طاهرة العين ". مذهب الشافعية، يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ٢٠) حيث قال: "ولا نَجَاسة في شيءٍ من الأحياء ماست ماء قليلًا بأن شربت منه أو أدخلت فيه شيئًا من أعضائها إلا الكلب والخنزير، وإنما النجاسة في الموتى". مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للحجاوي (١/ ١٩٥) حيث قال: " (وسؤر … ) (الهر) ويُسمَّى الضيون -بضاد معجمة وياء ونون- والسنور والقط (وهو) أي: سؤره (فضلة طعامه وشرابه) طاهر. (و) سؤر (مثل خلقه) أي: مثل الهر في الخلقة (و) =