للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك المالكية (١)، والحنابلة (٢) إلى التفريق بين مأكول اللحم وبين غيره، فقالوا: ما كان مأكول اللحم فبوله وروثه طاهرٌ، وغير المأكول بخلافه، وأدلة هؤلاء سننبه عليها لاحقًا؛ لأن المؤلف ربما لا يستوعب ذلك.

قوله: (فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهَا كلَّهَا نَجِسَةٌ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى طَهَارَتِهَا بِإِطْلَاقٍ أَعْنِي: فَضْلَتَيْ سَائِرِ الحَيَوَانِ: البَوْلَ وَالرَّجِيعَ).

إذًا، الذي بيَّنتُه أنَّ قول دَاود (٣) لم ينبه علَيه المؤلف، ونُسِبَ إلى إبرَاهيم النَّخعي، مع أنَّ إبراهيم النخعي (٤) له روايةٌ أيضًا مع المالكية والحنابلة في هَذِهِ المسألة.

قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: أَبْوَالُهَا وَأَرْوَاثُهَا تَابِعَةٌ لِلُحُومِهَا).

كَأنَّ المُؤلِّفَ هنا وضع قاعدةً لمَّا قال: "أبوالها وأرواثها تابعة للحومها"، حيث جعل البول والروث تابعَين للحيوان، فمَا كان مأكول اللحم، فبولُهُ وروثه طاهر، وما كَانَ غير مأكولٍ، فبَوْله وروثه غير طاهرين.


(١) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٨٥) حيث قال: " (ص) وبول وعذرة من مباح إلا المتغذي بنجس (ش) يريد أن بول الحيوان المباح الأكل وروثه طاهران إلا أن يكون مما يُسْتَعمل النجاسات بالمشاهدة أكلًا أو شربًا، فبوله وروثه نجسان مدة ظن بقاء النجاسة في جوفه، وقيدنا بالمشاهدة ليخرج ما شأنه استعمال النجاسة، وَلَكنه لا يصل إليه لحبسه، وما احتمل أمره. وقيل: يُحْمَل على النجاسة تغليبًا، وهو غير ظاهر".
(٢) يُنظر: "المبدع في شرح المقنع" لابن مفلح (١/ ٢٢٠) حيث قال: " (وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر) في المنصور عند أصحابنا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، والنجس لا يباح شربه، ولو أبيح للضرورة لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة … وطاف على بعيره، ولأنه لو كان نجسًا لتنجست الحبوب التي تدوسها البقر، فإنها لا تَسْلم من أبوالها وأرواثها، وشمل كلامه بول سمك ونحوه مما لا ينجس بموته، فإنه طَاهرٌ على المذهب ". وانظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ٣٣٩).
(٣) تقدم الكلام عليه.
(٤) لم أقف عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>