للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَعُمْدَةُ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: " أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِّمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ).

وهذا دليل أورد في هذه المسألة لكن أصحاب القول الأول الذين يمنعون يقولون: بأن لما حصل إسلامه كان بعد موت صاحب التركة وهو لما كان حيًّا كان هذا على غير دين الإسلام، فاستدلوا على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يرث الكافر المسلم " (١)، وأولئك كما قلت احتجوا بحديث آخر لم يورده المؤلف وهو: "من أسلم على شيء فهو له" (٢)، فهذا قد أسلم ولما أسلم ووجد تركة لم تقسم وهو واحد ممن يرثون تلك التركة لكن بوجود المانع من ذلك وهو الكفر وقد زال ذلك المانع قبل أن تقسم التركة فكان له الحق بأن يكون واحدًا من مستحقيه.

قوله: (وَأَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الْإِسْلَامُ وَلَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى مَا قَسَمَ الْإِسْلَامُ" (٣)).

فما كان قسم في الجاهلية قد انتهى؛ لأن الإسلام كما هو معلوم أعرض عما كان في الجاهلية، وأما ما أدركه الإسلام فإنه يقسم على الإسلام؛ لأن الإسلام يجب ما قبله، والإسلام شريعة وهذه الشريعة تطبق منذ وقت نزولها.

قوله: (فَمَنِ اعْتَبَرَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ حَكَمَ لِلْمَقْسُومِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَمَنِ اعْتَبَرَ وُجُوبَ الْقِسْمَةِ حَكَمَ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ لِلْمَقْسُومِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ).

والذين لاحظوا أمرًا معنويًّا قالوا: إن في توريث مثل هؤلاء ما


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور (١/ ٩٦، ٩٧) وغيره، عن عروة وابن أبي مليكة، وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (١٧١٦).
(٣) أخرجه مالك (٢/ ٧٤٦) (٣٥)، وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>