للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمهور هم الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة ومالك والشافعي) ومعهم غيرهم، يعني: أكثر العلماء قالوا: إن إسلامه بعد موت هذا الذي يستحق منه الإرث لا يجوِّز له الإرث؛ لأن المعتبر في ذلك هو الحياة، بأن يكون مسلمًا قبل الموت، أما بعد موته فإن التركة حينئذٍ أصبحت مستحقة ومستحقة لأناس معينين هم الورثة الذين يجوز لهم أن يدلوا بذلك ولا يوجد مانع، أما ذاك فوجد مانعًا يمنع منه وهو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يرث الكافر المسلم "، وهذا قد كان كافرًا قبل أن يموت هذا الإنسان.

قوله: (فَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَارِثُهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ لَمْ يَرِثْهُ أَصْلًا سَوَاءٌ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَان مُوَرّثُهُ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ الْوَارِثُ يَوْمَ مَاتَ غَيْرَ مُسْلِمٍ وَرِثَهُ ضَرُورَةً سَوَاءٌ أَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَجَمَاعَةٌ).

ومنهم الإمام أحمد في المشهور عنه.

قوله: (الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ يَوْمُ الْقَسْمِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ).

فهذا مروي عن بعض الصحابة ومنهم عمر - رضي الله عنه -، وقالوا: ذلك أيضًا حافز لمثل هذا أن يدخل في الإسلام، وتعلمون بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي المؤلَّفة قلوبهم، والله -سبحانه وتعالى- عدَّ المؤلفة قلوبهم من أصحاب الزكاة فقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}، فلماذا كان يعطي المؤلفة قلوبهم مع أنهم ليسوا بحاجة لتأليفهم في الإسلام وترغيبهم فيه وتحبيبهم فيه ليكون دافعًا لهم؟ وهكذا كل داعية يبذل غاية جهده ليحبب الناس في الإسلام ويرغبهم فيه ويبين ما فيه من المزايا، وما فيه من الحكمة، وما فيه من العفو، والإحسان، والخصال الكثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>