للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل كان مملوكًا أو كان حرًّا؟ فهناك من يرى بأنه كان حرًّا، وابن عباس وهو ممن شاهد ذلك قال: بأنه كان مملوكًا (١)، وأن عائشة - رضي الله عنه - ساعدت بريرة على أن تدفع لأهلها ما يؤدي إلى عتقها (٢)، وأنهم وافقوا على ذلك وأصروا شريطة أن يكون الولاء لهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أعتقيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق " (٣)، "إنما" أداة حصر سيتكلم عنها المؤلف، وفي بعض الروايات: " الولاء لمن أعتق " (٤).

قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ غَيْرِهِ).

أجمعوا على إذا أعتق عن نفسه أن الولاء له، لكن إذا أعتق عن غيره فما الحكم هنا؟

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ لَا الَّذِي بَاشَرَ الْعِتْقَ) (٥).

فإذا أعتقت عن إنسان عتيقًا فالإمام مالك يقول: الولاء للمعتق عنه وأنت المعتق لا شيء لك؛ لأنك نويت وقصدت به فلانًا، وجمهور العلماء خالفوا في ذلك فقالوا: لا، بل هو للمعتق وإن كان عن فلان؛ لأنه هو صاحب اليد البيضاء فهو المحسن وهو السبب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إنما الولاء لمن أعتق " (٦)، والذي أعتق هو هذا لا من أعتق عنه.


(١) يُنظر: "صحيح البخاري" (٦٧٥١، ٦٧٥٤) حيث قال: "وقال ابن عباس: رأيته عبدًا ".
(٢) أخرجه البخاري (٤٥٦)، ومسلم (١٥٠٤).
(٣) أخرجه البخاري (٣٥٦٣)، ومسلم (١٥٠٤).
(٤) أخرجه البخاري (٢٥٦٥).
(٥) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٤١٦) حيث قال: "من أعتق عن غيره بإذنه أو بغير إذنه فمشهور مذهب مالك عن أصحابه أن الولاء للمعتق عنه ".
(٦) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>