للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهر هنا أنَّ المؤلف لن يأتي بالمسألة مفصَّلة أو مُسْتوعبة؛ لأنه بدَأ بمَرَابض الغنَم، وهذا لا شكَّ دليلٌ من أدلة الذين قالوا بطهارة بول وروث ما يُؤْكل لحمه، لكن أوَّل دَلِيلٍ لهؤلاء يستدلُّون به هو حديث العُرَنيين الَّذي مرَّ بنا سابقًا، وهو "أنَّ جماعةً مِنْ عرين أو عُكْلٍ قدموا المدينة، فَاسْتَوْخموها، فأَمَرهم الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا بإبل الصدقة، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها" (١).

وَالشَّاهد هنا أنَّهم شَربوا مِنْ أبوال الإبل، فقال هؤلاء العلماء: إنه لو كانت نجسةً، لَمَا أَذِنَ لهم الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ولَيْسَ في الحَديث ما يدل على أن الأمر خاصٌّ بهم، وإنما هو أمر أباحه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم، أو أَذِنَ لهم في ذلك؛ فبقي ذَلكَ على إطلاقه، ولم يَرد ما يُقَيده أو يخصصه، وهذا حكمٌ عامٌّ لهم ولغَيرهم.

إذًا، هذا دليل صريح عندهم في أبوال الإبل، وقاسوا عليها غيرها مِنَ الغنَم، وهي أخف منها، حيث قالوا: إذا كان ذلك في الإبل، فالغَنمُ من باب أوْلَى، ولذلك الدليل الآخر الذي يستدلُّون به هُوَ الحَديث الذي ذكَره المؤلف، وهو أنَّ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلُّوا في مَرَابض الغنَم" (٢).

وفي بعض الروايات: "صَلُّوا في مرَابض الغنَم، ولَا تصلُّوا في معَاطن الإبل" (٣).

وَأيضًا ورَد في حَدِيثٍ من طريق جابر بن عبد الله، ومن طريق صحابيٍّ آخر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا بأس ببول ما يؤكل لحمه" (٤).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه (٥٢٤) عن أنس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم ".
(٣) أخرجه أحمد (١٠٦١١) وغيره، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلوا في مرابض الغنم، ولا تُصلُّوا في معاطن الإبل "، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٤) أخرجه الدارقطني في "سننه" (١/ ٢٣١)، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "السلسلة الضعيفة" (٤٨٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>