للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالحَديثان ضَعيفان، لكن حديث العرنيين حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في "الصحيحين "، كذلك حديث: "صلوا في مرابض الغنم "، فبعض رواياته في "الصحيحين " (١).

إذًا، الذين قالوا بالتفريق، استبدلوا بحديث العُرَنيين وألحَقه غيره به، وكذَلك حديث: "صلُّوا في مرابض الغنم "، وقَالوا: لَوْ كَانت أبوالها وأرواثها نجسةً، لما صلى … وهكذا كما سبق وبينَّا.

أَمَّا مَرَابض الغنم (٢)، فهي الأماكن التي تأوي إليها، فتَربض فيها وتنام، وهي لا شكَّ لا تخلو من روثٍ أو بولٍ؛ لأن هذه أمور يصعب الاحتراز منها؛ ولذلك نجد أن مِنَ الشافعية مَنْ خالف الإمام الشافعي في هذا المسلك، فنجد ممَّن خالفه: ابن المنذر (٣) الإمام المحقق، وابن خزيمة المحدث (٤)، وَكَذلك أيضًا ابن حبان المحدث (٥)، وَكلُّهم من الشافعيَّة؛ بل قَالَ بعضهم: إنَّ الذي انفرَد فِي ذَلكَ في مَنْع الصَّلاة في مرَابض الغنم إنَّما هو الإمام الشافعي؛ وقال حتى تُنَقَّى، رُغْم أنَّه ليس في الحديث أنها تُنقَّى!

إذًا، محل الشاهد من هذا أنَّ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - قد صلَّىٍ، وقال: "صلُّوا فِي مرَابض الغنم "، قالوا: فلو كان أبوالها وأرواثها نجسةً لَمَا صلَّى، ولَمَا


(١) تقدم تخريجه.
(٢) "مَرَابض الغنم ": مواضع إقامتها في المبيت. انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٢٧٩).
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ٣١٢) حيث قال: "قال أبو بكرٍ: أجمع كل مَنْ أحفظ عنه من أهل العلم على أن الصلاة في مرابض الغنم جائزة غير الشافعي، فإنه اشترط فيه شرطًا لا أحفظه عن غيره، وأنا ذاكرٌ ذلك عنه ".
(٤) من ذلك ما بَوَّب في "صحيحه" (باب إباحة الصلاة في مرابض الغنم وفي المقبرة إذا نبشت)، "صحيح ابن خزيمة" (٢/ ٥).
(٥) وكذلك بوب ابن حبان في "صحيحه" (٤/ ٢٢٦) بابًا، فقال: ذكر جواز الصلاة للمرء على المواضع التي أصابها أبوال ما يؤكل لحومها وأرواثها … ثم ذكر الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>