للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصراني مُنعم فحتى ولو كان غير مسلم فإنه أنعم على هذا المسلم فقدَّم له جميلًا فأعتقه، فتبقى الولاية لكن جاء فيما يتعلق بالإرث ما يمنع من ذلك فيبقى على أصله، ويقصد بالجمهور: بقية الأئمة الثلاثة.

قوله: (فَإِنْ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ مِيرَاثُهُ).

وفي نظري أن مذهب الجمهور هو الأقرب والأولى، وهو الذي يلتقي مع روح الشريعة، أولًا قالوا: هناك ولاء وميراث فإذا ما أعتق النصراني مسلمًا فإن الولاء يبقى لذلك النصراني؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنما الولاء لمن أعتق " (١)، وهذا قد أعتق فيكون له الولاء، والرسول لم يخصَّ ذلك بالمسلم فيبقى عامًّا، لكن لا يرث؛ لأنه ورد فيه نص مستقلٌّ " لا يرث الكافر المسلم " فنمنعه من الميراث، لكن لو أسلم هذا النصراني وهو والي النعمة لهذا فإنه يرثه، وهذا لا شكَّ أقرب وفي هذا يرى تشجيعًا على ما يتعلق بإعتاق الرقيق.

قوله: (وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، وَأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْأَبُ بَعْدَ إِسْلَامِ الِابْنِ أَنَّهُ يَرِثُهُ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ).

وهذا قياسٌ جيد من المؤلف حيث يقول: الولاء كالنسب فإذا ما أسلم الأب بعد ابنه، أسلم الابن ثم تلاه الأب ألا يرث منه؟ الجواب: نعم، فما الفرق بين هذا وذاك؟ هذا أب وهذا مولى وذكرنا من قبل بأن كل واحد من النوعين صاحب نعمة، فهذا صاحب نعمة على ابنه؛ لأنه هو السبب في وجوده بعد الله -سبحانه وتعالى- وهو الذي يقوم برعايته وهو الذي ينفق عليه، وهو الذي يسهر عليه، وهو الذي يسعى في سعادته، وهو الذي يشقى إذا شقي، كذلك أيضًا هذا المولى أخرجه من عبودية المخلوقين فأصبح حرًّا طليقًا يتصرف في نفسه كيف شاء.


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>