للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كلُّهَا هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْقَوْلِ لَا تَقَعُ بَعْدُ).

يعني: لا تقع بين أولئك أصحاب تلك الديانات، وإنما هي مفروضة فرضًا، وتعلمون بأن هناك ما يعرف بالفقه الفرضي أو التقديري، يعني: لا تكون هناك واقعة، فيفرض إنسان لو وقعت المسألة الفلانية أو حدثت فما الحكم فيها، فهذا يعرف بالفقه التقديري وهذا محل خلاف بين العلماء، وكان الصحابة - رضي الله عنه - إذا سُئل أحدهم عن مسألة قال: أوقعت أو لا؟ فإن قيل: نعم، أجاب فيها، وإن لم يكن قال: حتى تقع، وأكثر العلماء توسعًا في الفقه التقديري هم الحنفية (١) فإنهم توسعوا في هذا المقام فرضوا مسائل كثيرة لم تقع ثم أفتوا فيها ووافقهم الشافعية في بعضها، وقد نبَّهت على هذا، وقال بعض العلماء إجابة عن الشافعي: بأن الشافعي -رحمه الله - إنما احتاج إلى فرض المسائل عندما وضع كتابه الرسالة (٢) في أصول الفقه فإنك لكي تضع أصلًا وهو أول من دوَّن هذا العلمَ وأخرجه على الرأي الصحيح فإنه يحتاج إلى أن يجرب تلك الأصول ويمحصها ولا تتضح تلك الأصول إلا عن طريق تطبيق الفروع عليها، أي: تخريج الفروع عليها، فإذا انضبط ذلك الأصل وما اختلَّ اندرجت تحته تلك الفروع، وكان ذلك طريقًا لصحة ذلك الأصل.

قوله: (فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِ النَّصَارَى أَنْ يَسْتَرِقَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا مِنْ دِينِ الْيَهُودِ فِيمَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنْ مِلَلِهِمْ).


(١) يُنظر: "المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد" للشيخ بكر أبي زيد (١/ ١٣٨) حيث قال عن الفقه التقديري: "هي الفروع التي بشتغل الفقيه بفرضها، ثم التَّوْليد منها بتقدير وقوعها، ثم بفرض الحكم الفقهي لها".
وانظر: " الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري " للدكتور عبد المجيد محمود (ص ٦١).
(٢) يُعَدّ هذا الكتاب أقدم ما دُون في أصول الفقه، وضع فيه الشافعي -رحمه الله - الضوابط التي يلتزم بها الفقيه أو المجتهد لبيان الأحكام الشرعية لكل حديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>