للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا الحديث دلَّ على العلة التي أخذ بها الجمهور والعلماء وليس كما قال أبو حنيفة: هو إدخال الضرر على الشريك، وليس المراد هذا، وإنما المراد كما قال الجمهور: هو حرمة العتق والقصد والمحافظة على العتق والدفع إليه والترغيب فيه؛ ولهذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس للّه شريك"، فهو يدفع إلى إعتاق الباقي حتى يكون خالصًا للّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى-، وليس القصد بالعبودية وإنما القصد من ذلك هي الرقّ، أما العبودية بمعنى العبادة فهذه لا تجوز إِلَّا للّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى- ولا يختلف فيها إنسان عن آخر إذا كان حرًّا أو مملوكًا.

* قوله: (وَصَارَتْ عِلَّتُهُمْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنَ الْمُسْتَنْبَطَةِ).

فالجمهور أوردوا علَّةً، والحنفية أوردوا علة، وكأن المرأَة متردد بينهما فلما جاء هذا الحديث: "ليس للّه شريك"، في قصة ظاهرة تبين لنا أن علة الجمهور هي الصحيحة، وأن علة الجمهور منصوص عليها، وعلة أبو حنيفة إنما هي مستنبطة مفهومة، فكيف نقدم علة استنبطها أحد العلماء على علة جاء ذكرها في حديث عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -؟

* قوله: (فَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَتَعَارُضُ الْقِيَاسِ. وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ الَّذِي يَكُونُ بِالْمُثْلَةِ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ: مَالِكٌ (١) وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ (٢): مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَعْتَقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٣٦٨١٤) حيث قال: "إن مثل الرشيد الحر المسلم برقيقه ولو كافرًا عتق عليه بالحكم". وهو قول أحمد ينظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٥٨٠ - ٥٨١) حيث قال: "قال أبو السعادات مثلت بالحيوان أمثل تمثيلًا إذا قطعت أطرافه والعبد إذا جدعت أنفه ونحوه (ولو) كان التمثيل (بلا قصد برقيقه فجدع أنفه أو أذنه أو نحوهما) كما لو خصاه (أو خرق) عضوًا منه ككفه بنحو مسلة (أو حرق) بالنار (عضوًا منه) كإصبعه (عتق) نصًّا بلا حكم حاكم".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٣٣٣) حيث قال: "اختلف العلماء فيمن مثل =

<<  <  ج: ص:  >  >>