للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ (١)، وَالثَّوْرِيُّ (٢)).

وجه قول أبي حنيفة، أنه لما تمَّ البيع، لم يصحَّ العتق؛ لأنه يعتق ما لا يملك.

وأما مالك والشافعي فغلبوا سراية العتق، لقوته، أو حملًا لقول: إذا بعتك على ابتداء البيع؛ قال عليش: "قال ابن رشد قول مالك - رضي الله تعالى عنه - فيمن قال لعبده: أنت حر إن بعتك يعتق على البائع استحسان على غير قياس والقياس فيها قول من قال: لا شيء على البائع؛ لأن العتق إنما وقع من البائع بعد حصول العبد لمشتريه، ومثله أختار اللخمي. وفي توجيه المشهور بأن العتق والبيع وقعا معًا فغلب العتق لقوته كتبدئته في الوصايا أو بأن محمله فأنت حر قبل بيعي إياك " (٣).

قوله: (وَفُرُوعُ هَذَا الْبَابِ كثِيرَةٌ، وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ).

ومنهج المؤلف الاكتفاء بالمسائل التي هي كالقواعد، فاكتفى بذلك. على أنه في زماننا قد يحسن الاكتفاء بعرض مقاصد الباب دون كثير من التفاصيل يقل الانتفاع بها؛ قال النووي: "وأسلك فيه أيضًا مقصودًا صحيحًا، وهو أن ما كان من الأبواب التي لا يعم الانتفاع بها لا أبسط


(١) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٤/ ٥١٩) حيث قال: "قال لعبده إن بعتك فأنت حرٌّ فباعه لم يعتق؛ لأن نزول العتق المعتق بعد الشرط وبعد البيع هو ليس بمملوك فلا يعتق".
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٩/ ١٧٣)، وينظر: "الأوسط" لابن المنذر (١٠/ ٣٦٣) حيث قال: "واختلفوا في الرجل يقول لعبده: إن بعتك فأنت حرٌّ فباعه، فقالت طائفة: هو حر من مال البائع. روي هذا القول عن الحسن وبه قال الشافعي، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأحمد بن حنبل. وقالت طائفة: لا يقع العتق؛ لأن العتق إنما يقع بعد البيع، وبعدما خرج من ملكه وصار لغيره. هذا قول سفيان الثوري، والنعمان، ويعقوب ".
(٣) "منح الجليل" (٩/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>