للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ) (١).

أشار المؤلف إلى ذلك جملةً؛ إذن أصحاب القول الثاني - الذين قالوا بالجواز وعدم اعتبار إذن الشريك - قالوا: أليس يجوز له أن يعتق نصيبه؟ الجواب: لا، فقد جاء في ذلك حديث صحيح؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ، يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ المُعْتَقِ" (٢).

إذًا فيه نصٌّ صريح بالنسبة إلى العبد، فلماذا لا يكون المكاتب مثله؟ يقولون: أليست الكتابة طريقًا إلى العتق؟

والجواب: بلى؛ طريق للعتق، لكنَّ العتقَ لا يؤخذ فيه مقابل أو عوض، أما المكاتبة ففيها عوض، ومن هنا اختلفَا، ومع ذلك نجد أن بينهم اتفاقًا؛ فالذي يعتق عبده يكون له ولاءه، والذي يكاتبه يكون له ولاءه أيضًا، حتَّى وإن كاتبه على مبلغ من المال، فإن هذا المقصد الرشيد الذي سلكه هو عمل طيب بأن أعانه على أن يكون حُرًّا، ولا مانع أن يأخذ عوضًا مقابل ذلك.

قوله: (وَعُمْدَةُ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَأدَّى إِلَى أَنْ يُعْتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ بِالتَّقْوِيمِ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ حَظَّهُ مِنْهُ).

أراد الإمامُ مالك -رحمه الله- أن يردَّه إلى العتق فيقول: جاء في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ


(١) أي: للشافعي قول آخر وافق فيه مالكًا؛ وهو عدم الجواز مطلقًا، وهو ما صححه النووي في "الروضة" كما سبق.
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٠٣)، وأخرجه مسلم (١٥٠١/ ١)، بلفظ: "من أعتق شركًا له في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم عليه قيمة العدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق ".

<<  <  ج: ص:  >  >>