للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ، يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَيُعْطَى شُرَكاؤُهُ حِصَّتَهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ المُعْتَقِ ".

فالإمام مالك -رحمه الله- يريد أن يقيس مقايسة في العتق، فإذا أعتق أحد الشريكين نصيبه سرى إلى نصيب الآخر، هذا الذي يريده الإمام مالك؛ فإذا كاتب عبده ترتب على ذلك أن يضر بالآخر فيعتق عليه، أو أنه هو نفسه -هذا الذي كاتب- يحتاج أن يدفع نصيب شريكه.

والجواب: هذه مسألة أخرى تختلف عن تلك؛ لأن هذا أخذه مقابلة بعوض، فلم يكن عتقًا كعتق السابق، وإنما مكاتبة بأن سيحرره على أن يعطيه مقابل ذلك، فالمملوك يشتري نفسه من سيده.

أما الإمام الشافعي فيما يتعلق بالشريك؛ فقال: لا يجوز؛ لأنَّ هذا المكاتب يحتاج إلى السفر، والتردد؛ أي: الكسب والعمل، ويحتاج إلى الأخذ من الصدقة فأصبح بذلك -عند الإمام الشافعي- يعمل لنفسه وفوَّت على الآخر ما يتعلق بالسفر، وفوت أمر الكسب وألا يأخذ شيئًا من الصدقة (١).

ولكن الآخرين أجابوا وقالوا: أما السفر فلا يكون مانعًا؛ لأنَّه ربما لا يكون له شريك أصلًا ويكاتبه ومع ذلك لا يسافر، وأما ما يتعلق


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (١٨/ ٢٠٠)، حيث قال: "وإن كاتبه بإذن شريكه، ففي صحة كتابته قولان: أحدهما: نص عليه الشافعي في كتاب "الأم" على مسائل محمد بن الحسن أن الكتابة صحيحة … والقول الثاني: نص عليه الشافعي في هذا الموضع وأكثر كتبه، واختاره المزني، أن الكتابة فاسدة وإن أذن فيها الشريك، لِمَعانٍ؛ أحدها: أن موضع الكتابة أن يكمل بها تصرف المكاتَب، ولا يكمل تصرفه بكتابة بعضه؛ لأنه إن أراد أن يسافر لكتابته منعه الشريك من السفر؛ لرقه، فاقتضى أن تكون فاسدة، والثاني: أنه لا يقدر بكتابة بعضه أن يستعين بمال الصدقات؛ لأن الشريك إن يأخذ منه بقدر سهمه والصدقة لا تحل له، فمنع منها حتى تكمل كتابة جميعه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>