للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالكسب وما يستحقه من الصدقة التي تكون على هؤلاء المكاتبين إنما يستحقها على الجزء الذي كتب عليه.

إذن له أن يعمل على قدر مكاتبته، ويستحق الصدقة -أيضًا- في القدر الذي يتعلق بالمكاتبة (١).

وعمدة مالك: أنه لو جاز ذلك لأدَّى إلى أن يعتق العبد كلّه بالتقويم على الذي كاتب حظه منه.

يريد أن يقول: هذه الصورة توصل بالذي كاتب إلى أن يعتق هذا العبد ويكون على حسابه، عملًا بالحديث: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ، يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ المُعْتَقِ ".

والجواب: بأن ذلك عتق، وهذا مكاتبة وفرق بينهما (٢).


(١) قال ابن قدامة: "وقولهم: إنه يقتضي المسافرة والكسب وأخذ الصدقة قلنا: أما المسافرة فليست من المقتضيات الأصلية فوجود مانع منها لا يمنع أصل العقد، وأما الكسب وأخذ الصدقة فإنه لا يمنع كسبه وأخذه الصدقة بجزئه بالمكاتبة ولا يستحق الشريك شيئًا منه؛ لأنه إنما استحق ذلك بالجزء المكاتب، ولا حق للشريك فيه، فكذلك فيما حصل به، كما لو ورث شيئًا بجزئه الحر، وأما الكسب؛ فإن هايأه مالك نصفه فكسب في نوبته شيئًا لم يشاركه فيه أيضًا، وإن لم يهايئه فكسب بجملته شيئًا كان بينهما له بقدر ما فيه من الجزء المكاتب ولسيده الباقي؛ لأنه كسبه بجزئه المملوك فيه، فأشبه ما لو كسب قبل كتابته فيقسم بين سيديه ". انظر: "المغني" (١٠/ ٤١٠).
ووجه آخر: وهو أن المقصود من العقد الإرفاق به، وعليه فلا يمنعه من السفر؛ لأن المولى أثبت له حق التقلب والتكسب، وربما لا يحصل له هذا المقصود في المصر، والخروج من المصر للطلب طريق ظاهر بين الناس، فيصير مثبتًا له ذلك الحق حين كاتب نصفه، فلا يمنعه بعد ذلك منه. وهذا الوجه ذكر عند الأحناف استحسانًا. انظر: "المبسوط"، للسرخسي (٨/ ٤٤).
(٢) وقال ابن قدامة: "وقولهم: ""إنه يفضي إلى أن يؤدي بعض الكتابة فيعتق جميعه ".
قلنا: "يبطل هذا بما لو علق عتق نصيبه على أداء مال، فإنه يؤدي عوض البعض ويعتق الجميع، على أننا نقول: لا يعتق حتى يؤدي جميع الكتابة؛ فإن جميع الكتابة =

<<  <  ج: ص:  >  >>