للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِسَبَبٍ؟).

المقصود أن عقد الكتابة عقد لازم من الطرفين كسائر العقود، كعقد البيع من الطرفين البائع والمشتري، وكذلك الحال في عقد الإجارة وفي كثير من العقود، فهي إن كانت لازمة فلا يختلف فيها الطرفان، وإن كانت غير لازمة فكذلك أيضًا، وسيذكر المؤلف قولًا عن الإمامين أبي حنيفة ومالك عكس قولهما.

قوله: (فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ).

عقد لازم في حق السيد وليس العبد هذا هو قول الإمام الشافعي، ولزوم عقد المكاتبة في حق السيد مذهب أبي حنيفة أيضًا.

إذًا؛ الإمامان أبو حنيفة والشافعي يقولون بلزوم عقد المكاتبة في حق السيد (١).

قوله: (وَهِيَ فِي حَقِّ السَّيِّدِ غَيْرُ لَازِمَةٍ).

وكما مَرَّ أن الصحيح أن نقلب الأمر الموجود؛ فهي في حق السيد لازمة عند الشافعي وأبي حنيفة، وغير لازمة في حق العبد، وسيأتي مغلب ومغلب عليه في تعليل الحنفية، ولذلك يوافق الإمام أحمد مالكًا ويخالفهما


(١) مذهب الأحناف، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٤/ ١٥٩) حيث قال: "والكتابة تنفسخ بفسخ العبد من غير رضا المولى، بأن يقول: فسخت المكاتبة، أو كسرتها سواء كانت فاسدة أو صحيحة، لما ذكرنا أنها وإن كانت صحيحة فإنها غير لازمة في جانب العبد نظرًا له، فيملك الفسخ من غير رضا المولى، والمولى لا يملك الفسخ من غير رضا المكاتب؛ لأنها عقد لازم في جانبه ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "فتح القريب "، لابن قاسم الغزي (ص ٣٤٦)، حيث قال: " (وهي)، أي: الكتابة الصحيحة (من جهة السيد لازمة)، فليس له فسخها بعد لزومها إلا أن يعجز المكاتب عن أداء النجم أو بعضه عند المحل، كقوله: عجزْتُ عن ذلك، فللسيد حينئذٍ فسخها، وفي معنى العجز: امتناع المكاتب من أداء النجوم مع القدرة عليها. (و) الكتابة (من جهة) العبد (المكاتب جائزة؛ فله) بعد عقد الكتابة تعجيز نفسه بالطريق السابق ". وانظر: "التهذيب "، للبغوي (٨/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>