للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو حنيفة، فالإمامان مالك وأحمد هما اللذان يقولان بأن عقد الكتابة لازم من الطرفين.

أما أبو حنيفة والشافعي -كما مر- فيقولان بلزوم عقد المكاتبة في حق السيد، فعلى السيد أن يلتزم بالعقد؛ لأنه الجانب الأقوى، أما العبد فهو الجانب الضعيف لتقدير عجزه، وربما يُعجِز نفسَه، كأن يقول: لا أستطيع إتمام العقد، كما حصل مع عبدٍ لعبد الله بن عمر، فحينها يعود إلى الرق مرة أخرى، وهذا هو الأقرب لروح الشريعة.

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ).

الصحيح: قال مالك وأحمد، أما أبو حنيفة فمع الإمام الشافعي رحمهم الله جميعًا، وسيظهر أن المؤلف وهم تجاه الإمام أبي حنيفة، وكذلك وهم تجاه الإمام الشافعي.

قوله: (الْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، أَيْ: بَيْنَ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ) (١).

فالكتابة على قولهما عقد يلزم كلًّا من الطرفين، فيلزم السيد والعبد، لكن اختلف في كيفية إبطال هذه الكتابة وسيأتي تفصيله، وليس هناك صلاحية للسيد في نقضها، وكذلك لا صلاحية للعبد في نقضها دون سبب، أما إن عجز عن جمع المال المطلوب منه، أو تأخر في أداء النجوم فتبطل، أما إعلان عجزه ففيها تفصيل، فهل يؤخذ بكلامه مُسَلمًا؟


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "المقدمات الممهدات"، لأبي الوليد ابن رشد (٣/ ١٨٣، ١٨٤)، حيث قال: "والكتابة من العقود اللازمة، فإذا عقد السيد لعبده الكتابة لزمهما العقد، ولم يكن لأحدهما خيار في حله، ليس للسيد أن يفسخ كتابة عبده باختياره إذا أبي العبد، ولا للعبد أن يُعجِّز نفسه باختياره إذا أبي السيد، وله مال ظاهر".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع "، للبهوتي (٤/ ٥٥٧)، حيث قال: " (فصل والكتابة الصحيحة عقد لازم من الطرفين)؛ لأنها بيع وهو من العقود اللازمة إلا يدخلها خيار) مجلس ولا شرط ولا غيرهما؛ لأن الخيار شرع لدفع الغبن عن المال، والسيد دخل على بصيرة أن الحظ لعبده، فلا معنى لثبوت الخيار".

<<  <  ج: ص:  >  >>