للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَرِثَتْ إِنَّمَا هُوَ مَالٌ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ لَا رَقَبَةَ الْمُكَاتِبِ) (١).

والحنفية فَصَّلوا هذه المسألة أكثر من غيرهم فقالوا: هي لم تَرث، ولكنها استحقت دَيْنًا، فهذا مال في ذمة هذا المكاتب، فهي فقط تأخذ نصيبها من هذا الحق (٢).

فخرجوا عن جماهير العلماء، ووجدوا مبررًا لهذا الحكم حتى يُبقوا النكاح صحيحًا.

ومهما يكن فمذهب الجمهور أظهر وهو أحوط في هذا المقام، وبخاصة القاعدة الفقهية المعروفة: " إذا اجتمع الحلال والحرام غَلب الحرام " (٣).

فهذا أمر مشكوك فيه، ولذلك لما ذُكر لعثمان - رضي الله عنه - زواج الأخت


(١) انظر: " التجريد "، للقدوري (٩/ ٤٥١٣)، وفيه قال: " قال أصحابنا: إذا زَوَّج ابنته من مكاتبه، ثم مات المولى، لم يفسد النكاح، وكذلك لو تزوج الابن مكاتبة أبيه ".
(٢) قال القدوري في ذكر وجه ما ذهبوا إليه: " وذلك لأن كل حالة يبقى دينها عليه جاز أن يبقى النكاح بينها وبينه، ولأن الأب زَوَّجها بمن ثبت له حق الحرية من جهته، فإذا مات لم يبطل نكاحها، كما لو زوجها بمدبره، ولأنه عقد يتضمن المنافع، فإذا عقد الأب مع مكاتبه في حق ابنته ثم مات لم يبطل، ولأنه مكاتب أبيها بعد موته؛ بدلالة: أنه يعتق عنه، ويستحق ولاءه، كما كان مكاتبه في حال حياته، فإذا لم يعقد النكاح في إحدى الحالتين كذلك الأخرى. والمسألة مبنية على أن رقبة المكاتب لا تنقل إلى الورثة؛ لأن الموت سبب ". انظر: " التجريد " (٩/ ٤٥١٣).
(٣) يُنظر: " الأحكام في أصول الأحكام "، للآمدي (٤/ ٢٥٩)، حيث قال: " إذا اجتمع حظر وإباحة، فقد اختلف في ترجيح أحدهما؛ فذهب الأكثر كأصحابنا، وأحمد بن حنبل، والكرخي، والرازي من أصحاب أبي حنيفة إلى أن الحاظر أَوْلَى. وذهب أبو هاشم وعيسى بن أبان إلى التَّساوي والتساقط، والوجه في ترجيح ما مقتضاه الحظر أن مُلابسة الحرام موجبة للمأثم بخلاف المُباح، فكان أَوْلَى بالاحتياط ".

<<  <  ج: ص:  >  >>