للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه له وجاء" (١)، وقال عليه الصلاة والسلام في قصة النفر الثلاثة الذين أراد أحدهم: أن يصوم الدهر كله، والآخر: أراد أن يقوم الليل كله، والثالث: أراد أن لا يتزوج النساء، فقال: "أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النِّساء؛ فمَن رَغب عن سنتي فليس مني" (٢).

إذًا هذه سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن تَمسَّك بهذا الدِّين نال الفوز، ومن حاد عنه زَلَّ، وخسر خسرانًا مبينًا، رأينا من هذا ما يتعلق بالتسري، وكذلك وطء الإماء أُبيح للمسلم، وأيضًا مارية القبطية كانت أم ولد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وولده إبراهيمِ إنما هو من مارية، كما هو معلوم، ولذلك جاء في حديث ابن عباس: "أعْتَقَها ولدُها" (٣). أي: هذه، وثبت -أيضًا- أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان له أمهات أولاد (٤)، وثبت عن علي - رضي الله عنه - (٥)، وثبت -أيضًا- أن علي بن الحسين، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وهم من العلماء الأعلام والأتقياء الفضلاء كانت أمهاتهم أمهات أولاد (٦)، ولذلك كان الناس في أول الأمر يتوقفون في أمهات الأولاد، فلما خرج هؤلاء النفر واشتهروا وبانت مكانتهم أصبح الناس يُقبلون على


(١) أخرجه البخاري (١٩٠٥)، ومسلم (١٤٠٠/ ٣).
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٦٣)، ومسلم (١٤٠١/ ٥).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٥١٦) وغيره، عن ابن عباس، قال: "ذُكرت أم إبراهيم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أعتقها ولدها"، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٧٧٢).
(٤) مما يدل على ذلك ما أخرجه الدارمي (٣٣٢٤) وغيره، عن الحسن، أن عمر بن الخطاب "أوصى لأمهات أولاده بأربعة آلاف؛ أربعة آلاف لكل امرأة منهن".
(٥) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (١٠/ ٤٦٥)، حيث قال: "وكان لعليِّ - رضي الله عنه - أمهات أولاد، ولكثير من الصحابة".
(٦) يُنظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٦/ ٣٥٥)، حيث قال: "قال في "رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الجامع"، قال ابن القاسم: بلغني أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كانوا بني أمهات أولاد، قال ابن رشد: إنما ذكر هذا؛ ليتبين أن هذا ليس مما يُعاب به أحد، وهو بَيِّنٌ؛ قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ". انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>