للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلماء، ويعرض للأدلة، وأيضًا قد فصل في هذا الكتاب تفصيلًا هامًّا جدًّا.

وأيضًا من العلماء الأعلام الذين اشتهروا في هذا العِلم: الحافظ ابن حَجَر، وهو متأخر بلا شك عن ابن عبد البر، لكن ابن حَجَر شهد له العلماء جميعًا -كل مَن جاء بعده، بل الذين في عصره- بالتفوق في هذا العِلم.

قوله: (وَهُوَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ. وَرُبَّمَا قَالُوا -أيضًا- مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى: إِنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ لَهَا حُرْمَةٌ، وَهُوَ اتِّصَالُ الْوَلَدِ بِهَا، وَكَوْنُهُ بَعْضًا مِنْهَا (١)، وَحَكَوْا هَذَا التَّعْلِيلَ عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - حِينَ رَأَى أَنْ لَا يُبَعْنَ، فَقَالَ: "خَالَطَتْ لُحُومُنَا لُحُومَهُنَّ، وَدِمَاؤُنَا دِمَاءَهنَّ") (٢).

والنطفة التي يَضعها الرجل في المرأة إنما هي جزء منه، ولذلك يَحرم من الرِّضاع ما يحرم من النَّسب (٣)، ولا يتعلق ذلك بالمرأة المرضع فقط، بل بها وبزوجها، فهي أُمٌّ مِن الرضاع، وهو أب من الرضاع،


(١) قال الروياني: "اعلم أنه إذا وطئ أَمَتَه فولدت ولدًا منه، فالولد حر؛ لأنها علقت في ملكه، وتَسري حرمةُ الحرية إلى الأم، فتصير أم ولدٍ له؛ لا يجوز بيعها، ولا هبتها، ولا التصرف فيها بشيء من أنواع التصرفات ". انظر: "بحر المذهب" (٨/ ٤٠٥)، وانظر: "المقدمات الممهدات"، لأبي الوليد ابن رشد (٣/ ١٩٨).
(٢) أخرج نحوه عبد الرزاق في "مصنفه" (٧/ ٢٩٦) عن عمر بن ذر، قال: حدثني محمد بن عبد الله الثقفي: "أن أباه عبد الله بن قارب اشترى جارية بأربعة آلاف، قد أسقطت لرجل سقطًا، فسمع عبد الله عمر بن الخطاب، فأرسل إليه قال: وكان أبي عبد الله بن قارب صديقًا لعمر بن الخطاب، فلامه لوما شديدًا، وقال: والله إني كنت لأنزهك عن هذا، أو عن مثل هذا. قال: وأقبل على الرجل ضربًا بالدِّرَّة، وقال: الآن حين اختلطت لحومكم ولحومهن، ودماؤكم ودماؤهن تبيعونهن؛ تأكلون أثمانهن … ".
(٣) جزء من حديث أخرجه البخاري (٢٦٤٥)، واللفظ له، ومسلم (١٤٤٧/ ١٢) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>