للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الحديث: "أَيُّما امرأة وَلَدت من سَيِّدها فإنها حرَّة عن دُبُرٍ منه ". والمؤلف أتى به بالمعنى، وربما تكون رواية منه، و "عن دبر منه "، أي: بعد وفاته، يعني: تخرج من رأس المال.

قوله: (وَكلَا الْحَدِيثَيْنِ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، حَكَى ذَلِكَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ) (١). والمؤلف دائمًا ما ينقل عن ابن عبد البر، وهو في الغالب يسكت في المسائل الفقهية، لكن عندما تأتي مسألة فيها خلاف بخاصة ما يتعلق بالأحاديث صحة وضعفًا، فإنه يشير إليه، ولقد أشار إليه في مواضع كثيرة، وسكت في مواضع أكثر بكثير مما ذكره، ولكن لما كان ابنُ عبد البر أعلم في هذا المجال في علم الجرح والتعليل، ذكر المؤلف بأنهما ضعيفان، وقد عوَّل في نقله على عالم جليل له باع ومعروف في علم السُّنَّة، وبخاصة في الجرح والتعليل، وهو ابن عبد البر، وهو بلا شك، كما هو معلوم؛ فكتبه تشهد بذلك؛ فله كتابه الجليل "التمهيد"، الذي وضعه على "الموطأ" للإمام مالك، وتوسع فيه كثيرًا، وأورد فيه كثيرًا من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأيضًا كتابه "الاستذكار"، وهو الذي ينقل عنه المؤلف كثيرًا في هذا الكتاب، فإنه كتاب فقه وحديث؛ لأنه يورد المسألة بالأحاديث، فيذكر رأي مالك، ثم بعد ذلك يَعرض لآراء


= إسناده الحسين بن عبد الله الهاشمي قد ضَعَّفوه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن عدي: أحاديثه تُشبه بعضها بعضًا، يُكتب حديثه، لم أجد في حديثه منكرًا جاوز المقدار. وقال البيهقي: ضَعَّفه أكثر أصحاب الحديث، وضعفه -أيضًا- عبد الحق في "أحكامه ". انظر: "البدر المنير" (٩/ ٧٥٣، ٧٥٤).
(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٧/ ٣٣١)، وفيه قال: "روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في مارية سُرِّيَّته لما وَلَدت ابنه إبراهيم: "أعتقها ولدُها"، مع وجه ليس بالقوي، ولا يُثبته أهلُ الحديث. وكذلك حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أيما امرأة ولدت من سيدها فهي حرة إذا مات "، ولا يصح -أيضًا- من جهة الإسناد؛ لأنه انفرد به حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي، وحسين هذا: ضعيف، متروك الحديث ".

<<  <  ج: ص:  >  >>