للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقاسوا، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة" (١).

ومن السنة: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحلُّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" (٢).

وقد أجمع المسلمون على تحريم القتل بغير حق لما سبق من الأدلة (٣).

والحكمة من مشروعيته: حفظ المجتمعات والنفوس، ولذا قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٧٩] فكل إنسان تحدثه نفسه أو يدفعه شيطانه لقتل آخر إذا تفكر في مآل أمره ارتدع وابتعد عن القتل، فيكون قد أحيا نفسه وأحيا غيره (٤).

قوله: (وَالنَّظَرُ أَوَّلًا فِي هَذَا الكِتَابِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: إِلَى النَّظَرِ فِي المُوجِبِ (أَعْنِي: المُوجِبَ لِلْقِصَاصِ)، وَإِلَى النَّظَرِ فِي الوَاجِبِ، أَعْنِي القِصَاصَ، وَفِي أَبْدَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ بَدَلٌ، فَلْنَبْدَأْ أَوَّلًا بِالنَّظَرِ فِي المُوجِبِ. وَالنَّظَرُ فِي المُوجِبِ يَرْجِعُ إِلَى النَّظَرِ فِي صِفَةِ


(١) أخرجه البخاري مختصرًا (٣٤٧٠)، ومسلم مطولًا (٢٧٦٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٧٨)، ومسلم (١٦٧٦).
واللفظ الذي أورده الشيخ، هو: لفظ مسلم، وأما لفظ البخاري، فقد قدم "النفس بالنفس "، وفيه: "المارق" بدلًا من "التارك ".
(٣) قال ابن القطان: "ودماء المؤمنين محرمة على ظاهر كتاب الله عز وجل، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبإجماع أهل العلم، إلا بالحق الذي استثناه الله عز وجل في كتابه وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - " انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ٢٦٨).
(٤) يُنظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٣٨٢)، حيث قال: "عن قتادة في قوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} قال: "قد جعل الله في القصاص حياة، إذا ذكره الظالم المتعدي كف عن القتل ". وذكر عدة آثار في هذا المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>