للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبق تقرير هذه الحجة عند عرض قول المالكية، والله -عز وجل- يقول: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣].

قوله: (وَأَمَّا المُشَارِكُ لِلْقَاتِلِ عَمْدًا فِي القَتْلِ؛ فَقَدْ يَكُونُ القَتْلُ عَمْدًا وَخَطَأً، وَقَدْ يَكُونُ القَاتِلُ مُكَلَّفًا وَغَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَسَنَذْكُرُ العَمْدَ عِنْدَ قَتْلِ الجَمَاعَةِ بِالوَاحِدِ، وَأَمَّا إِذَا اشْتَرَكَ فِي القَتْلِ عَامِدٌ وَمُخْطِئٌ، أَوْ مُكَلَّفٌ وَغَيْرُ مُكَلَّفٍ؛ مِثْلَ عَامِدٍ وَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي قَتْلِ عَبْدٍ عِنْدَ مَنْ لَا يُقِيدُ مِنَ الحُرِّ بِالعَبْدِ، فَإِنَّ العُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ: فَقَالَ مَالِكٌ (١) (٢) وَالشَّافِعِيُّ (٣): "عَلَى العَامِدِ القِصَاصُ، وَعَلَى المُخْطِئِ وَالصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ"، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَجْعَلُهُ عَلَى العَاقِلَةِ (٤)، وَالشَّافِعِيَّ فِي مَالِهِ (٥) عَلَى مَا يَأْتِي، وَكَذَلِكَ قَالَا فِي الحُرِّ وَالعَبْدِ يَقْتُلَانِ العَبْدَ عَمْدًا أَنَّ العَبْدَ يُقْتَلُ، وَعَلَى الحُرِّ نِصْفُ القِيمَةِ (٦) (٧)، وَكَذَلِكَ الحَالُ فِي المُسْلِمِ


(١) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٩/ ٢٩)، حيث قال: " (و) إن اشترك مكلف غير حربي إلى آخره مع صبي في قتل معصوم ف (على) المكلف (شريك الصبي) في قتل المعصوم (القصاص) ".
(٢) وهو مذهب أحمد أيضًا. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ١٧٢)، حيث قال: "وجب القصاص على شريك الأب، وعلى العبد وعلى الذمي ".
(٣) عند الشافعية: لا يقتل شريك المخطئ والصبي، خلافاً لما عزاه المؤلف. يُنظر: "المنهاج" للنووي، (ص ٢٧٢)، حيث قال: "ولا يقتل شريك مخطئ".
(٤) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٩/ ٢٩)، حيث قال: "وعلى عاقلة الصبي نصف الدية".
(٥) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٢٧٥)، حيث قال في مسألة شريك المخطئ، والصبي، وشريك شبه العمد: "وعلى الأول نصف دية العمد، وعاقلة الثاني نصف دية الخطأ أو شبه العمد".
(٦) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٩/ ٣٠)، حيث قال: "ولا يقتص من صبي ولا من حر لعبد؛ إذ لم يتكافآ، ودية المكلف الحر على عاقلة الصبي، وفي رقبة العبد وقيمة العبد في مال الحر".
(٧) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٢٥٩)، حيث قال: " (فإن كافأه أحدهما فقط) كان=

<<  <  ج: ص:  >  >>