للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَضَبِ وَالنَّائِرَةِ يجِبُ بِهِ القِصَاصُ (١)، وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَكُونُ عَمْدًا عَلَى جِهَةِ اللَّعِبِ، أَوْ عَلَى جِهَةِ الأدَبِ لِمَنْ أُبِيحَ لَهُ الأَدَبُ، وَأَمَّا الشَّرْطُ الَّذِي يجِبُ بِهِ القِصَاصُ فِي المَقْتُولِ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُكَافِئًا لِدَمِ القَاتِلِ).

يريد المؤلف رحمهُ اللهُ أن يتكلم عن شرطٍ من شروط وجوب القصاص، وهو المكافأة.


(١) قَوْله رحمهُ اللهُ: "ولا خلافَ"، فيه نظر، بل قَدْ أثبت جده الخلاف. يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (٣/ ٢٨٥ - ٢٨٧)، حيث قال: "وأما الوجه الثاني: وهو أن يعمد للضرب، ولا يعمد للقتل؛ فإن ذلك لا يخلو من ثلاثة أوجه … والثالث: أن يكون على وجه النائرة والغضب …
وأما الوجه الثالث: وهو أن يكون الضرب على وجه النائرة والغضب، ففيه قولان: أحدهما: وهو المشهور عن مالك المعروف من قوله: أن ذلك عمد، وفيه القصاص إلا من الأب في ابنه والأم والجد؛ فإنه لا يقتص منه، وتغلظ الدية عليه في ماله، وهذا قول مالكٍ في "المدونة"؛ لأنه أنكر شبه العمد، وقال: "إنه باطل، إنما هو عمد أو خطأ لا ثالث لهما؛ لأن الله لم يذكر في كتابه غيرهما".
والقول الثاني: أنَّ ذلك شبه العمد، ولا يُقَاد منه، وتغلظ الدية عليه، وهو مرويٌّ عن ماللئى رَحِمَهُ اللهُ، حكاه العراقيون عنه، وعليه أكثر أهل العلم".
وقد يُصَحح كلام ابن رشدٍ على أنه بناءً على المعتمد في مذهب مالك من نَفْي شبه العمد، لا سيما وعبارة مالك فيه أنه أمر مجتمع عليه. يُنظر: "الموطأ" لمالك بن أنس (٢/ ٨٧٢)، حيث قال: "قال مالك: والأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه بحجر أو ضربه عمدًا فمات من ذلك، فإن ذَلكَ هو العمد، وفيه القصاص".
وقَدْ يُصَحَّح إذا حملنا قوله: "الضرب" على "القتل". يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (١٦/ ٣٧٠)، حيث قال: "والعمد فيه القصاص للأولياء إلا أن يعفوا على الدية أو بغير دية، وهو أن يقتل قاصدًا للقتل على وجه النائرة والعداوة"، أو على صورة معينة ذكرها ابن رشد الجد. وينظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (١٦/ ٣٧٣)، حيث قال: "وأما ذو النائرة والعداوة فرجل دخل عليه رجلٌ في حريمه مكابرًا له حتى جرحه أو قتله أو ضربه، ثم خَرَج مكانه ولم ينتهب متاعًا، إنَّما كان ضربه إياه لنائرةٍ كانت بينهما، فهَذِهِ النائرة لا يشك فيها أحدٌ، فإذا أخذ هذا فَعَليه القصاص".

<<  <  ج: ص:  >  >>