للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتقَل المُؤلِّفُ رحمهُ اللهُ إلى مَسْألةٍ أخرى، وهي: هَلْ يجوز قَتْل المُسْلم بالذمِّي؟ اختلفوا.

- قوله: (فَعُمْدَةُ الفَرِيقِ الأَوَّلِ: مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ أَنَّهُ سَأَلَهُ قَيْسُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالأَشْتَرُ: هَلْ عَهِدَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عهْدًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي كِتَابِي هَذَا، وَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ، فَإِذَا فِيهِ: "المُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ (١)، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِر" (٢)، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِالحَرْبِيِّ الَّذِي أُمِّنَ) (٣).

قَوْله: (لا يقتل مؤمن بكافر): فيه البيان الواضح أن المسلم لا يُقْتل بأحدٍ من الكفار.

- قَوْله: (وَأَمَّا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَاعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ آثَارًا، مِنْهَا: حَدِيثٌ يَرْوِيهِ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمَانِيِّ (٤)، قَالَ: "قَتَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِرَجُلٍ مِنْ


(١) من حديث عليٍّ أخرجه النسائي في "الكبرى" (٦٩٢٢)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح وضعيف النسائي" (٤٧٤٦).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٧٥١)، وقال الأرناؤوط: صحيح لغيره.
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ١٢٣)؛ حيث قال: "احتج الشافعي بأنه لا خلاف فيه أنه لا يقتل المسلم بالحربي المستأمن، فكذلك الذمي؛ لأنهما في تحريم القتل سواء".
(٤) في "سنن الدارقطي": "عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ البَيْلَمَانِي"، وهكذا في "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٨/ ٥٦٥)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>