للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، وَالبُلُوغُ يَكُونُ بِالِاحْتِلَامِ (١) وَالسِّنِّ (٢) بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ الخِلَافُ فِي مِقْدَارِهِ؛ فَأَقْصَاهُ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً (٣)، وَأَقَلُّهُ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٤)).

قوله: "ويشترط في الجارح"، أي: المتعدي "أن يكون مكلفًا"، والمكلف هو البالغ العاقل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ" (٥)، والبلوغ بالنسبة للذكر يحصل بأحد أمور ثلاثة، وهي:


(١) قال ابن القطان: "واتفق أهل العلم إلا من شذ ممن لا يعد خلافه على (الاحتلام) والحيض بلوغ". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (١/ ١٢٥).
(٢) اتفق الفقهاء على أن السن من العلامات التي تكون حدًّا للبلوغ، لكنهم اختلفوا في حده كما ذكر المؤلف؛ فمنهم من حده بخمسة عشر سنة كالشافعية والحنابلة، ومنهم من حده بثمانية عشر سنة كالمالكية، ومنهم من حده بتسعة عشر سنة كالظاهرية. قال ابن حزم: "والشرائع لا تلزم إلا بالاحتلام، أو بالإنبات للرجل والمرأة، أو بإنزال الماء الذي يكون منه الولد، وإن لم يكن احتلام، أو بتمام تسعة عشر عامًا، كل ذلك للرجل والمرأة، أو بالحيض للمرأة".
انظر: "المحلى بالآثار" (١/ ١٠٢).
(٣) يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (١١/ ١٠٩)، حيث قال: "فصل في حد البلوغ، قال: بلوغ الغلام بالاحتلام، والإحبال، والإنزال إذا وطئ، فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم ثماني عشرة سنة".
وهو مذهب المالكية في المشهور، ولهم أقوال أُخر. يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٦/ ٨٧)، حيث قال: "فقال: (بثماني عشرة سنة)، أي: بتمامها، وللخمي بالدخول في الثامنة عشرة. الحضُّ هذا هو المشهور من أقوال خمسة. البُرزُلي: اختلف في السن، أي: الذي هو علامة البلوغ، ففي رواية ثمان عشرة، وقيل: سبع عشرة، وزاد بعض شراح "الرسالة" ست عشرة وتسع عشرة، وروى ابن وهب خمس عشر".
(٤) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٤/ ٣٥٧)، حيث قال: " (والبلوغ) يحصل (باستكمال خمس عشرة سنة) قمرية تحديدية حتى لو نقصت يومًا لم يحكم ببلوغه".
وهو مذهب أحمد أيضًا. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٢٢١ - ٢٢٢)، حيث قال: "ويحصل البلوغ بإنزال المني يقظة أو منامًا باحتلام أو جماع، أو غير ذلك، أو بلوغ خمس عشرة سنة".
(٥) أخرجه أبو داود (٤٤٠٠)، وغيره، وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>