للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الخِلَافُ الَّذِي يَقَعُ فِي القَتْلِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ عَنِ الضَّرْبِ فِي اللَّعِبِ (١) وَالأَدَبِ بِمَا لَا يَقْتُلُ كَالِبًا، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ (٢) يَعْتَبِرُ الَالَةَ حَتَّى يَقُولَ: إِنَّ القَاتِلَ بِالمُثَقَّلِ لَا يُقْتَلُ وَهُوَ شُذُوذٌ مِنْهُ، أَعْنِي: بِالخِلَافِ هَلْ فِيهِ القِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ؟ إِنْ كَانَ الجُرْحُ مِمَّا فِيهِ الدِّيَةُ).

شرع المؤلف هنا في ذكر حالات الجرح، فقال: "فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُتْلِفُ جَارِحَةً؛ فَالعَمْدُ فِيهِ: هُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ عَلَى وَجْهِ الغَضَبِ بِمَا يَجْرَحُ غَالِبًا"، فهذا فيه تعدٍّ وقصد.

وأما إن جرحه على وجه اللعب؛ كاثنين يتمازحان، فرمى أحدهما الآخر بشيء، فجرحه دون قصد إلحاق الضرر به، فلا يعد هذا من قبيل العمد.

وإن ضربه على وجه الأدب؛ كمدرس تجاوز في ضرب تلميذٍ فمات، أو تعطلت حاسة من حواسه؛ فهذا يعتبر من باب الخطأ؛ لأنه لم يقصد التعدي، بل ضربه بما لا يقتل غالبًا.

قوله: "وهو شذوذ منه "، أي: من أبي حنيفة رحمه الله وهو كما قال، فإذا لم يقتل المثقل، فما الذي يقتل؟ فليس شرطًا أن يكون القتل بالسيف، فتنبه.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٥٠)، حيث قال: " (قوله: بأن يقصد الضرب عدوانًا)، أي: تعدِّيًا فنشأ عنه جرح، لا للعب ولا للأدب فينشأ عنه جرح فلا قصاص فيه ".
(٢) إنما يمنع أبو حنيفة رحمه الله العمدية في المثقل الذي لا يُفرق الأجزاء، فإن فرقت ثبتث العمدية. يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٦/ ٥٢٧ - ٥٢٩)، حيث قال: "الأول (عمد، وهو أن يتعمد ضربه)، أي: ضرب الآدمي في أي موضع من جسده (ب) آلة تفرق الأجزاء مثل (سلاح) ومثقل لو من حديد".
ثم قال: " (و) الثاني (شبهه: وهو أن يقصد ضربه بغير ما ذكر)، أي: بما لا يفرق الأجزاء، ولو بحجر وخشب كبيرين عنده، خلافًا لغيره ".

<<  <  ج: ص:  >  >>