للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ الجُرْحُ قَدْ أَتْلَفَ جَارِحَةً مِنْ جَوَارحِ المَجْرُوحِ، فَمِنْ شَرْطِ القِصَاصَ فِيهِ العَمْدُ أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ، وَفِي تَمْيِيزِ العَمْدِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ العَمْدِ خِلَافٌ.

أَمَّا إِذَا ضَرَبَهُ عَلَى العُضْوِ نَفْسِهِ فَقَطَعَهُ، وَضَرَبَهُ بِآلَةٍ تَقْطَعُ العُضْوَ غَالِبًا، أَوْ ضَرَبَهُ عَلَى وَجْهِ النَّائِرَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ فِيهِ القِصَاصَ (١)).

قوله: "النائرة"، أي: العداوة، كأنها نار تشتعل في قلب صاحبها، فيغضب ويثور، والأمر فيها واضح.

* قوله: (وَأَمَّا إِنْ ضَرَبَهُ بِلَطْمَةٍ أَوْ سَوْطٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِتْلَافَ العُضْوِ مِثْلَ أَنْ يَلْطِمَهُ فَيَفْقَأَ عَيْنَهُ، فَالَّذِي عَلَيْهِ الجُمْهُورُ: أَنَّهُ شِبْهُ العَمْدِ وَلَا قِصَاصَ فِيهِ (٢)، وَفيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ العِرَاقِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ، وَالمَشْهُورُ فِي المَذْهَبِ: أَنَّ ذَلِكَ


(١) يُنظر: حاشية (١١٠) عند قول ابن رشد: "وَلَا خِلَافَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الضَرْبَ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الغَضَبِ وَالنَّائِرَةِ يَجِبُ بِهِ القِصَاصُ ".
(٢) لم أجد للشافعية التنصيص على إثبات شبه العمد فيما دون النفس، وقد يؤخذ مما قدمناه من إثباتهم له في النفس؛ إذ لم ينفوه. يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٢٨٦)، حيث قال: " (ولو لطمه لطمة تذهب ضوءه غالبًا فذهب لطمه مثلها)؛ لإمكان المماثلة (فإن لم يذهب أذهب) بالمعالجة كما ذكر".
إلا أن ابن قدامة عزاه إليهم، ينظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٣٢٩)، حيث قال: "وقال القاضي: لا يجب القصاص، إلا أن تكون اللطمة تذهب بذلك غالبًا، فإن كانت لا تذهب به غالبًا فذهب؛ فهو شبه عمد لا قصاص فيه، وهو قول الشافعي؛ لأنه فعل لا يفضي إلى الفوات غالبًا، فلم يجب به القصاص، كشبه العمد في النفس ".
ومذهب الحنابلة: أنه لا يقتص في شبه العمد في الجراح. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ١٨٩)، حيث قال: "ولا يجب إلا بما يوجب القود في النفس؛ وهو العمد المحض، فلا قود في شبه العمد ولا الخطأ".

<<  <  ج: ص:  >  >>