للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْدٌ وَفِيهِ القِصَاصُ، إِلَّا فِي الأَبِ مَعَ ابْنِهِ (١)).

أشار المؤلف هنا إلى أنه لو ضربه بلطمة أو سوط ففقأ عينه مثلًا؛ فالجمهور على أنه لا قصاص، وفيه الدية مغلظة في ماله، وهذا واضح، لكن لو قلع عين إنسان مثلًا ففيه القصاص؛ لأن هذا يمكن استيفاؤه.

وقيل: فيه الدية؛ لأنه لا يمكن أن يتوصل إلى ذلك إلا بالتجاوز والحيف، ولا ينبغي قصاصٌ مع التجاوز والحيف، بخلاف ما لو قطع يده أو أنفه أو شفته أو أنثييه فإن ذلك يمكن استيفاء القصاص فيه دون تجاوز.

قوله: "وَهِيَ رِوَايَةُ العِرَاقِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ "، وبه قال الشافعية والحنابلة أيضًا.

* قوله: (وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ شِبْهَ العَمْدِ: إِنَّمَا هُوَ فِي النَّفْسِ لَا فِي الجُرْحِ (٣)، وَأَمَّا إِنْ جَرَحَهُ فَأَتْلَفَ


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطإ" (٧/ ١٠١)، حيث قال: "وقال ابن وهب: فإذا قلنا: إن قتل الأب لابنه حدًّا هو شبه العمد؛ فلا خلاف في إثباته في العمد، وإن قلنا: إنه شبه العمد ما حكاه القاضي أبو محمد وغيره من شيوخنا العراقيين عن مالك.
وقاله ابن وهب في أن في شبه العمد روايتين على ما قدمناه، وإنما تكون الروايتان في التسمية والتغليظ دون غير ذلك، ويلحق بذلك وجه آخر؛ وهو أن يكون الضرب على الأب، ففي المجموعة من رواية ابن القاسم وابن وهب عن مالك: في الزوج يضرب زوجته بحبل أو سوط فيصيبها منه ذهاب عين أو غيره: ففيه العقل دون القود".
(٢) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٦/ ٥٣٠)، حيث قال: " (قوله فليس فيما دون النفس شبه عمد)؛ لأنه لا يختص بآلة دون آلة، فلا يتصور فيه شبه العمد، بخلاف النفس ".
(٣) وقال به قبلهم الثوري. يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (١٠/ ٢٨٠)، حيث قال: "وقال سفيان الثوري: العمد: ما كان بسلاح، وفيه القود في النفس فما دونها -وشبه العمد: هو أن يضربه بعصا أو سوط ضربة واحدة فيموت، أو يحدد عودًا أو عظمًا فيجرح به بطن آخر- فهذا لا قود فيه، وليس فيما دون النفس عنده شبه عمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>