للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُضْوًا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَفِيهِ قَوْلَان (١): أَحَدُهُمَا: وُجُوبُ القِصَاصِ، وَالثَّانِي: نَفْيُهُ. وَمَا يَجِبُ عَلَى هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ فَفِيهِ القَوْلَانِ، قِيلَ: الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ، وَقِيلَ: دِيَةُ الخَطَإِ، أَعْنِي: فِيمَا فِيهِ دِيَةٌ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَدَبِ فَفِيهِ الخِلَافُ (٢). وَأَمَّا مَا يَجِبُ فِي جِرَاحِ العَمْدِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَهُوَ القِصَاصُ).

قوله: "وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد" لم يقل المؤلف: "قال الحنفية" لكثرة الاختلاف بين الإمام وصاحبيه، وهو اختلاف في طلب الحق.

* قوله: (وَأَمَّا مَا يَجِبُ فِي جِرَاحِ العَمْدِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَهُوَ القِصَاصُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَذَلِكَ فِيمَا أَمْكَنَ القِصَاصُ فِيهِ مِنْهَا، وَفِيمَا وُجِدَ مِنْهُ مَحَلُّ القِصَاصِ وَلَمْ يُخْشَ مِنْهُ تَلَفُ النَّفْسِ. وَإِنَّمَا صَارُوا لِهَذَا لِمَا رُوِيَ: "أَنَّ


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطإ" للباجي (٧/ ١٠١)، حيث قال: "قال القاضي أبو محمد: إن شبه العمد: أن يقصد إلى الضرب، وشبه الخطإ: أن يضربه به بما لا يقتل غالبًا، فكان الظاهر أنه لم يقصد القتل، فوجب أن يكون له حكم بين الحكمين، والذي قاله ابن وهب أنه ما كان بعصا أو وكزة أو لطمة فإن كان على وجه الغضب ففيه القود، وأرجو أن لا يكون عليه إثم قاتل النفس، وإن كان على وجه اللعب ففيه الدية مغلظة، وهو شبه العمد لا قصاص فيه ". وانظر الحاشية التالية.
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٤٢)، حيث قال: "اعلم أن القتل على أوجه؛ الأول: أن لا يقصد ضربه كرميه شيئًا، أو حربيًّا فيصيب مسلمًا، فهذا خطأ بإجماع، فيه الدية والكفارة. الثاني: أن يقصد الضرب على وجه اللعب، فهو خطأ على قول ابن القاسم وروايته في "المدونة" خلافًا لمطرف وابن الماجشون، ومثله إذا قصد به الأدب الجائز، بأن كان بآلة يؤدب بها، وأما إن كان الضرب للتأديب والغضب: فالمشهور أنه عمد يقتص منه إلا في الأب ونحوه؛ فلا قصاص، بل فيه دية مغلظة. الثالث: أن يقصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم القتل ولا عفو، قاله ابن رشد في "المقدمات ".

<<  <  ج: ص:  >  >>