للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما فوف الموضحة؛ كالهاشمة والمنقلة والمأمومة: فإنه ليس فيها قصاص؛ لتعذر الاستيفاء وخشية التلف، والعمدة في ذلك: ما روي "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَفَعَ القَوَدَ فِي المَأْمُومَةِ وَالمُنَقِّلَةِ وَالجَائِفَةِ" (١)، وكذلك ما جاء في كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عمرو بن حزم وأن فيها الدية (٢).

وذهب مالك رحمه الله ومن قال بقوله: إلى أن هذا حكم ما كان في معنى هذه من الجراح التي هي متالف؛ مثل كسر عظم الرقبة والصلب والصدر والفخذ وما أشبه ذلك، وأما غيره من العلماء فلا يرون فيها قصاص للدليلين المذكورين.

* قوله: (وَكَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّسَاوِي فِي القِصَاصِ؛ مِثْلُ الِاقْتِصَاصِ مِنْ ذَهَابِ بَعْضِ النَّظَرِ أَوْ بَعْضِ السَّمْعِ (٣)، وَيَمْنَعُ القِصَاصَ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ عَدَمُ المِثْلِ مِثْلَ أَنْ يَفْقَأَ أَعْمَى عَيْنَ بَصِيرٍ (٤)).

وذلك لحصول التفاوت، ولو قطع إنسان صحيح يدًا شلاء، قيل: يقتص اليسار مع اليمين.


(١) سبق في متن البداية.
(٢) جزء من حديث عمرو بن حزم، ولفظه: "وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل" أخرجه النسائي (٤٨٦٨)، وضعفه الألباني.
(٣) يُنظر: "المقدمات الممهدات" (٣/ ٣٢٢)، حيث قال: "والدليل على أنه لا قصاص فيما لا يمكن القصاص منه، مثل ذهاب بعض النظر وبعض السمع وبعض العقل: هو أن القصاص مأخوذ من قص الأثر، أي: اتباعه، فهو أن يتبع الجارح بمثل الجرح الذي جرح فيؤخذ منه دون زيادة عليه ولا نقصان منه، فإذا لم يقدر على ذلك ارتفع التكليف به ".
(٤) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٩/ ٤٥)، حيث قال: " (ولا) يقتص (من عين أعمى) بفقئه عينًا بصيرة عمدًا عدوانًا، وعليه دية البصيرة في ماله، ولا من عين بصيرة بعين عمياء كذلك، وفيها الأرش بالاجتهاد في مال الجاني ".

<<  <  ج: ص:  >  >>