للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ لِلصَّحِيحِ الَّذِي فُقِئَتْ عَيْنُهُ إِلَّا القَوَدُ أَوْ مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يَسْتَقِيدُ مِنَ الأعْوَرِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ (١)، وَعَنْ عُثْمَانَ (٢)).

وعند الحنابلة لا قود هنا، وإنما الدية كاملة، واحتجوا لقولهم بما روي عن عمر وعثمان -رضي الله عنهما-.

* قوله: (وَعُمْدَةُ صَاحِبِ هَذَا القَوْلِ: أَنَّ عَيْنَ الأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ، فَمَنْ فَقَأَهَا فِي وَاحِدَةٍ فَكَأَنَّهُ اقْتَصَّ مِنِ اثْنَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ، وَإِلَى نَحْوِ هَذَا ذَهَبَ مَنْ رَأَى أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ القَوَدَ أَنَّ لَهُ دِيَةً كَامِلَةً، وَيَلْزَمُ حَامِلَ هَذَا القَوْلِ أَنْ لَا يَسْتَقِيدَ ضَرُورَةً، وَمَنْ قَالَ بِالقَوَدِ وَجَعَلَ الدِّيَةَ نِصْفَ الدِّيَةِ فَهُوَ أَحْرَزُ لِأصْلِهِ، فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ بَيَّنَ بِنَفْسِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا: هَلِ المَجْرُوحُ مُخَيَّر بَيْنَ القِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ؟ أَمْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا القِصَاصُ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ؟ فَفِيهِ القَوْلَان عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ القَوْلَيْنِ فِي القَتْلِ (٣)، وَكَذَلِكَ أَحَدُ قَوْثَي مَالِكٍ فِي الأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ (٤): أَنَّ


= بالخيار بين استيفاء القصاص وبين استيفاء الدية، وإن كان النقصان في جانب المجني عليه لم يجب القصاص ".
(١) أخرج ابن أبي شيبة (٩/ ١٩٨) عن سعيد بن المسيب؛ في أعور فقئت عينه، قال: "فيها الدية كاملة".
أخرج عبد الرزاق (٩/ ٣٣٣) عن أبي عياض أن عثمان: "قضى في رجل أعور فقأ عين صحيح" فقال: "عليه دية عينه، ولا قود عليه "، فال قتادة: وقال ابن المسيب: "لا يستقاد من الأعور، وعليه الدية كاملة، إذا كان عمدًا".
(٢) أخرج عبد الرزاق (٩/ ٣٣٠) أن عمر وعثمان: "قضيا في عين الأعور بالدية تامة".
وأخرج ابن أبي شيبة (٩/ ١٩٦) عن أبي عياض أن عثمان: قضى في أعور أصيبت عينه الصحيحة: الدية كاملة.
(٣) تقدم الكلام عليها حاشية (١٢٥) عند قول ابن رشد: "فَقَالَ مَالِكٌ: "لَا يَجِبُ لِلْوَلِىِّ إِلَّا أنْ يَقْتَصَّ، أَوْ يَعْفُوَ عَنْ غَيْرِ دِيَةٍ إِلَّا أَنْ يَرْضَى"".
(٤) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٥٦)، حيث قال: " (فله) =

<<  <  ج: ص:  >  >>